استشر الجميع، لكن افعل ما تريده أنت ، وفوض اختصاصات شكلية حتى لا تبدو
مستبدا
عن متون الأدب السلطاني
نريد رجالا واقفين لا رجالا محبين للكراسي يختفون وراء الأبواب
شعار المناجمنت المعاصر
تطرح الإدارة التربوية في المغرب اليوم للنقاش لأن هناك مشاكل دون حلول أو
لأن المشاكل الفعلية غير مطروحة أصلا ، شأنها في ذلك شأن جميع القضايا الأخرى
المطروحة على وزارة التربية الوطنية مثل التفتيش التربوي و مفهوم المدرس(ة) و
التبريز و الأقسام التحضيرية و التعليم الخصوصي و الأشباح و التفرغ النقابي و
الجمعيات العاملة في القطاع و الجمعيات المهنية ...إلخ، و أول باب لمناقشة أي و وظيفة من وظائف الموارد
البشرية هو البدء بطرح الأسئلة التالية: هل الإدارة التربوية قدر المدرسة
المغربية؟ ما مدخلات الإدارة التربوية، هل هي بالمقابلة أم بالدبلوم أم بالأقدمية
أم بالشهادة أم بالسلم أم بماذا تحديدا...، و لماذا هذا المعيار أو ذاك بالذات؟ وهل
نوقش أي معيار من المعايير مناقشة عامة أم هو معيار ظرفي تتحكم فيه ظروف الوزارة
نفسها؟ ومتى تكتسب الصفة ولماذا ذلك؟ وماذا لو كان مديرنا بدون صفة لأنه مكلف؟ و
لماذا لا تكون الإدارة التربوية بالإجازات المهنية أو التربوية أو البيداغوجية او
التدبيرية- التواصلية...؟ و لماذا لا يتحدد سن الولوج إلى الإدارة التربوية؟ (...).
إنها جملة من الأسئلة تجعل الباحث
في أمر الإدارة التربوية يفقد أعصابه أحيانا فيقول من حيث لا يشعر : إنها الفوضى والارتجالية
و السذاجة السياسية التي تسود قطاع وزارة التربية الوطنية .
إذا كنا غير قادرين عن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة فيعني أننا غير قادرين
عن الإجابة عن وضعية الإدارة التربوية حاليا هل هي وظيفة أم مهمة أم مهنة ... أم
ماذا؟ هل هي من مهن التربية و التكوين أم من مهن الموارد البشرية (التدبير و
الشغل)؟ هل هي تربوية أم إدارية؟
يبدو أن الخلط و الغموض الذي يطال تصوراتنا
للإدارة التربوية هو نفسه الذي يطال التفتيش و التوجيه و التدريس ...إلخ، و لعل
هذا الغموض لا يجعلنا ندرك تمام الإدراك معنى الانتماء لهوية مهنية معينة؛ و لذلك
وجب أن نفكر في تجارب الغير/في الغير و
استحضارها من أجل فهم من نحن أو بالتحديد من أجل فهم فوضانا و سذاجتنا السياسية في
تدبير القطاع.
ففي ألمانيا ينصب تكوين المدراء على بيداغوجيا المشروع و استراتيجيات
التعلم، و في إيرلندا يركز التكوين الأساس للمدراء على تنمية كفايات الزعامة ، وفي
اللكسمبورغ نجد المدرسة الابتدائية بدون مدير، و في البرتغال يرتبط المدير بالمجلس
البيداغوجي، و أما في الكيبك فالتركيز على الإدارة البيداغوجية و الإدارية معا ،
في حين أنه في السويد هناك لامركزية كلية تجعل الإدارة التربوية صاحبة مشاريعها
الخاصة تضع في اهتمامها الأولويات المحلية ، شأنها في ذلك شأن سويسرا التي تجعل الإدارة
التربوية خاضعة للمحليات والجهويات في كل
شيء شيء.
كما فكرت جميع هذه البلدان في المسار المهني لمدير المؤسسة التربوية ، بدء بالولوج
إلى المهنة وصولا إلى مغادرتها ، مرورا بالامتيازات و العلاوات و تحديد السلط و
المساعدين للمدير(ة) و أنواع التعويضات و التكوينات و المسؤوليات التربوية و
البيداغوجية والإدارية والاستفادة من
التكوينات المستمرة و الوضع الخاص للإدارة
التربوية... إلخ.
فما يستفاد من تجارب هذه الدول و تصوراتها للإدارة التربوية أنها تجعل من
المدير(ة) رائد التجديد و الإبداع البيداغوجي، و الساهر على إدماج المؤسسة
التربوية في محيطها فعليا؛ و لذلك تجد
التركيز على الثقافة المحلية و المشاريع و التواصل و الكفايات العلائقية و
التواصلية والتنشيطية و البيداغوجية.
إن التركيز على هذه الكفايات و الأدوار التربوية والبيداغوجية ليس مسألة
موضة ، و إنما هو نابع من إعطاء هوية تربوية وبيداغوجية للمؤسسة الإدارية ، وهو،
كذلك، من صميم الديمقراطية المحلية و التمركز حول المتعلم بالذات. و إليكم توضيح
ذلك:
أولا: تقتضي الدمقرطة اليوم تعميم التمدرس، ومن
أجل بلوغ هذه الغاية يتطلب الأمر إدارة مسؤولة منفتحة تعمل بالمشاريع و لها كفايات
تواصلية مع الآباء و الأمهات من مستوى عال، بل تتمتع بكفايات تحفيزية و تربوية و
بيداغوجية عالية تجعلها تكيف المضامين المدرسية مع محيطها و تدخل في اختيارها بما يتناسب و الثقافة
المحلية.
ثانيا: تقتضي الدمقرطة المحلية وجوب إدارة تربوية
ضامنة للمواطنة و راعية لها، و أول طريق إلى ذلك هو أن تكون الإدارة التربوية
مقتنعة بالتعدد الثقافي و الديني و اللغوي داخل المؤسسات التعليمية و حدود كل ذلك
حتى لا ينقلب إلى نعرات و نزعات . ومن أجل ذلك سيكون لزاما على مدير(ة) المؤسسة أن
يكون عارفا باللهجات/اللغات و الثقافات المحلية التي تكون المؤسسة التربوية في
قلبها حتى تكون ناجعة في تدبير زمن المؤسسة المدرسية في محيطها.
ثالثا: تقتضي الدمقرطة أن تكون الإدارة التربوية
ضامنة لحياة مشتركة و ضامنة للحقوق الفردية كذلك ، ومراعية للمعاقين ومدمجة لهم في
الحياة المدرسية ، و لها القدرة البيداغوجية على وضع البرامج البديلة للأطفال
المرضى والمعاقين و ذوي الاحتياجات الخاصة .
رابعا: تقتضي الدمقرطة أن يكون مدير(ة) المؤسسة التربوية مديرا مسؤولا
مبادرا مستبقا لا ينتظر الإملاءات و
التعليمات ، وبناء على ذلك عليه أن يتوفر على كفايات مستعرضة واستعدادت تجعله يتعامل مع الطارئ و المستجد
كالحرائق و الصحة المدرسية و حالات الأخطار و العنف و مجمل الظواهر التي قد تصيب
المؤسسة والتلاميذ في أي لحظة من اللحظات...إلخ.
خامسا: تقتضي الدمقرطة أن تكون المؤسسة مستقلة
إداريا و ماليا مندمجة في محليتها أو جهتها الترابية؛ و ذلك بغاية أن تكون الإدارة
إدارة تربوية فاعلة تشتغل من أجل التحفيز على تعلم الأطفال ومواصلتهم له، و العمل من أجلهم .
