1- مفهوم المقاربة
·
المقاربة هي الطريقة التي يتناول بها الشخص أو
الدارس أو الباحث الموضوع أو الطريقة التي يتقدم بها في الشئ.
·
المقاربة أساس نظري يتكون من مجموعة من المبادئ
يتأسس عليها برنامج دراسي.
·
تحيل المقاربة في الوقت الراهن على التخطيط
التربوي والطلب على التربية من أجل كذا.. و على الاقتصاد التربوي. وهنا نستحضر
الحاجة والوظائفية بالانطلاق من حاجات المقاولة أو الاقتصاد أو الفئات العمرية أو
التنافسية أو الحاجات الوطنية والإنتاجية...وما يلاحظ أن كل مقاربة تطرح مشاكل
منها مشكل مشروعيتها كمقاربة.
المقاربة الكفاياتية:
·
للكفاية مقاربات كثيرة منها المقاربة بالمعرفة
والمقاربة بالمهارة والمقاربة بالسلوكات وحسن التواجد والمقاربة بالمعارف والمهارة
وحسن التواجد والمقاربة بكفايات المعرفي.
Carre .P et Caspar .C, Traité des sciences et techniques de la formation.
Paris, Dunod 1999
·
تدقق المقاربة بالكفايات في مكانة المعارف في
الفعل. فالمعارف هي موارد لتحديد وحل المشاكل، ويعني ذلك أنه على المعارف أن تكون
متوفرة في اللحظة المناسبة وأن تكون متكيفة مع الوضعية.
·
تهيئ المقاربة بالكفايات الطلبة التهيئ الجيد
للحياة المهنية واكتساب المعارف الضرورية لمجال عملهم؛ وذلك عن طريق تنمية قدرة
استعمال تلك المعارف في سياق واقعي وعملي -مهني. ويستوجب التكوين على الكفايات
تداخل التخصصات والمكتسبات في وضعيات معقدة ومهنية.
·
إن
الإقرار بمقاربة للكفايات يعني إرادة ممارسة مراقبة مطلقة على مجموع مكونات
الكفاية. والكفاية تعني المعرفة بالفعل. كما تدقق المقاربة بالكفايات في مكانة
المعارف العالمة من غيرها. كما يتطلب التكوين بالكفاية ثورة ثقافية صغيرة للمرور
من منطق التعليم إلى منطق التدريب. فالكفاية تبنى بالممارسة في وضعيات معقدة. وهي
تتطلب مسهلا لتعلمها بعقلية بنائية تسمح لكل طفل باستعمال أو بالتعبير في وقت معين
على ما يعرفه من ذي قبل.
http://www.csdeau.qc.ca
الباب الأول: جدالات حول الكفايات
ما يلاحظه القارئ والباحث وهو يتتبع تاريخ ظهور
الكفاية هو تعدد الآراء والتواريخ، وبالتالي تعدد الأسباب التي كانت وراء ظهورها.
والنصوص الواردة في هذه المجزوءة تؤكد ذلك مما يجعل المجال مفتوحا للقراءات والتأويلات
والجدالات. فهذا يقول بأن الكفاية ظهرت في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين في
حقل التربية والتكوين والمقاولة، وغيره يرى بأن المقاولات لم
تنتظر التسعينيات من القرن العشرين لتهتم بالكفايات فمنذ زمن بعيد وهي تصرف أموالا
على التكوين المهني لتأهيل مستخدميها وتبحث عن توظيف مؤهلين أصحاب كفايات أو الذين
لهم استعداد لذلك. وآخر يرى بأن ظهورها كان متزامنا في خطابات متعددة مثل الخطاب
المقاولاتي والتكويني والتدبيري. ومنهم من يردها إلى اللغة القانونية مع الرومان
سالكا مسلك الاشتقاق اللغوي والبحث الفيلولوجي معتقدا بأن الأمر يتعلق بالبحث في
معنى ما للكفاية شارد أو تائه مند ظهور الكلمة الأولى كما قيلت في عهود الرومان.
وهناك من يرى بأنها ظهرت مع تشومسكي صاحب النحو والتوليدي وأن ذلك المعنى الذي
يستفاد منها هو المعنى الذي ظل قائما وكل من زاغ عنه يرمي بنفسه في الخطأ...إلخ؛ وبذلك
سيكون الخطاب التأريخي للكفاية مساهما في غموض الخطابات الشارحة بالنظر لتعدد
أسباب ظهورها كما يتضح من النصوص التي سنوردها فيما بعد.
هناك جدال آخر بين رواد الكفايات يكشف عن
الخلفيات المعرفية والتخصصية مثل علاقة مفهوم الكفاية بالتأهيل و مفهوم الكفايات
العرضانية والكفايات والتكوين. فالكفاية في نظر المدافعين عن التدبير الجديد
للمقاولة تناقض التأهيل، وبالتالي تنتفي الهوية المهنية .
كما أن هناك من يرفض الكفايات العرضانية مشككا
في وجودها لأن القابلية للتشغيل لا تتوقف بالضرورة على الكفايات العرضانية ولأن ما
يهم في الأخير هو السياق الذي تستعمل فيه الكفاية فعليا.وفيما يخص الكفاية
والتكوين فإن الشكوك تحوم حول تنمية كفايات عرضانية. فمادام التكوين يعنى بسياق
للتكوين فذلك يعنى أن إمكانات التحويل صعبة. وبتعبير أدق ينبغي أن يكون التكوين في
سياق خاص؛ وذلك ما يعنى إعادة النظر في هندسات التكوين.
المقاربة التاريخية: جدالات حول تاريخ ظهور
الكفاية
نص1:
الكفاية
مفهوم جديد ظهر في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين في حقل التربية والتكوين
والمقاولة. والتعاريف النظرية المتعددة التي نعثر عليها الآن تجعل من الكفاية
"نوعا من الإسفنج" أو فكرة متعددة المعنى تعكس تعدد استعمالاتها
الاجتماعية والعالمة (...). حسب مارسيل ستروبانتس ظهرت الكفاية كإمكانية أو كموارد
فردية مختفية قابلة للتطوير عن طريق التكوين أو التحويل من وضعية إلى أخرى، غير أن
الكفاية لا تجعلنا مقتصرين على تعريف واحد لتعددية الاستعمالات التي تخضع لها
الفكرة.
عن برجيت باناني بتصرف Brigitte Pagnani Vie Pédagogique, n14nfévrier-mars2000
نص2:
لم تنتظر المقاولات، في نظر لوبترف، التسعينيات
من القرن العشرين لتهتم بالكفايات فمنذ زمن بعيد وهي تصرف أموالا على التكوين
المهني لتأهيل مستخدميها وتبحث عن توظيف مؤهلين أصحاب كفايات أو الذين لهم استعداد
لذلك. وأما الجدل الدائر حاليا حول الكفايات فإنه يسعى إلى إعطاء مضمون جديد
للكفايات؛ وذلك راجع إلى المتطلبات الجديدة لتنافسية المقاولات وتطور السياقات
وتنظيمات الشغل وخصائص سوق الشغل وتطور التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال و
التقدم الحاصل في سيرورة التعلم ووظائفية المعرفي، وهي كلها أمور لا تنحصر في
المهارة وإنما تأخذ بعين الاعتبار القدرة على تدبير الوضعيات المهنية. فأن تكون صاحب كفاية لا يعنى أنك تعرف كيفية
تنفيذ عملية معينة، بل المعرفة بالفعل ورد الفعل في سياق خاص، أي مواجهة المحتمل
والمجهول. ثم إن الكفاية المهنية تتحدد ليس فقط في علاقتها بالشغل وإنما في
علاقتها بالتشغيليةEmployabilité، و
المعرفة بالتوليف والتعبئة في وضعية العمل.
Quel avenir pour les compétences? De boeck, 2000 p15-16-17
نص3:
ظهرت
الكفاية، حسب آن ديتريش، في مختلف الخطابات في فرنسا مثل خطابات المدراء ومدبري
المقاولات الذين يتوخون تكييف الكفايات كهدف رئسي (كفايات-مفتاح) لوظيفة الموارد
البشرية خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي. ثم ظهرت كذلك في خطابات
المستشارين وذوي الخبرة في المقاولات الذين بنوا أدوات لتدبير التكيف. وظهرت كذلك
في خطاب الباحثين الذين ساءلوا التأثيرات الإيديولوجية والرهانات الاجتماعية التي
تنطوي عليها هذه الممارسة الجديدة لتدبير الموارد البشرية وتنظيم العمل المؤسس على
فكرة الكفاية. وهناك من الباحثين من عمل على تتبع تطور المقاولات ليصل إلى القول
بنموذج جديد ولجته تنظيمات الشغل مع الكفاية ليقطع كليا مع نموذج التأهيل.
نص4:
يرى فليب بيرنو أن الدول
تعمل تباعا على إعادة صياغة برامجها الدراسية وفق منظور الكفايات، فما هذه الذبابة
التي لسعتها؟ هل خضعت المدرسة لسوق الشغل أم أن فكرة الكفاية تشكل ثروة في حد
ذاتها؟ هل تخضع البرامج اليوم لعالم سيمر كما مر غيره؟ وهل هي تعبير عن طموح جديد؟
هل يتعلق الأمر بالعودة إلى البراغماتية و النفعية؟ وباختصار وجب طرح السؤال
البسيط و المعقد جدا: لماذا تصلح المدرسة ؟ ربما انتهى العصر الذي كانت فيه
المدرسة تهيئ لذاتها. فحينما يكون المستقبل قاتما والعمل الموسمي هو السائد في
المجتمعات سيكون السؤال التالي ذا معنى: ما هو الشئ الذي يكون الشباب في حاجة إليه
لمواجهة القرن الآتي؟ هم في حاجة إلى المعارف دون شك في ذلك، لكنهم في حاجة إلى معارف
حية قابلة للتعبئة أثناء العمل وخارج العمل معارف قابلة للنقل والتحويل والتكيف مع
الظروف والمشاركة والبريكولاج. ففكرة الكفاية لا تؤكد شيئا غير الهم الذي يسعى
لجعل المعارف المدرسية أدوات للتفكير والفعل في العمل وخارج العمل.
نقلا عن نهاية المدرسة
خلاصات:
أولا: اختلاف الباحثين حول تاريخ ظهور الكفاية
ثانيا: ترتبط
الكفاية بالوضعيات المهنية المتجددة في عالم تجدد سياقاته المهنية
ثالثا: ظهور الكفاية بدا كنموذج جديد للقطع مع التأهيل
رابعا: ارتباط الكفاية بمعارف قابلة للتعبئة للنقل
والتحويل والتكيف مع الظروف وجعلها معرفة أداتية
المقاربة السوسيو- تاريخية للكفايات: جدالات
حول الظروف التي فرضت الكفاية في المدرسة
نص1:
يرى دوكتيلي أن المثقف في
عصر النهضة كان هو الذي يعرف النصوص المؤسسة للحضارة بما فيها المؤلفات الكبرى.
ولكي تكون مثقفا ينبغي دراسة النصوص والمعرفة بالشروح والتعليقات التي قام بها
الأساتذة الكبار حتى تتمكن من التعليق على النصوص المؤسسة وقد كان هذا التصور أساس البرامج التعليمية(p82).وإلى جانب ذلك
كان الإنسانيون يشتغلون على قوانين الطبيعة في الفيزياء والبيولوجيا والمجتمع
مشكلين ما يسمي بروح العلم القائمة على التجريب والاختبار وصولا إلى القرن العشرين
حيث تضاعفت التخصصات وأصبح الإلمام بها من طرف شخص واحد من قبيل المستحيلات، بل
أصبحت بعض التخصصات تتطور بشكل سريع جدا مثل الإعلاميات. كما ينبغي أن نستحضر
عوامل أخرى ساهمت في تطور العلم مثل الحربين العالميتين وغزو الفضاء وتطور
المنافسة الاقتصادية عالميا إلخ... (p84-85).
وقد
بدت ضرورة تنمية برامج دراسية لنقل المعارف الجديدة مما جعل السؤال المطروح هو: ما
هي المعارف الضرورية الصالحة لهذه المرحلة أو تلك من التمدرس والتكوين؟(p85) ، بل ظهر
تياران مثل التايلورية التي تسعى لإدخال في تدبير التصنيع سيرورات عقلانية لبلوغ
مستوى عال من الإنتاج بسرعة كبيرة، ثم هناك السلوكية التي تسعى إلى العقلنة
المؤسسة على الملاحظة. وما يجمع بين هذين التيارين هو تقليص التعقيد وتقسيم
الأشياء إلى عناصر أكثر بساطة وإلى مراحل (p86).
لقد
ألهمت هاتان الحركتان عالم التربية عبر بيداغوجيا الأهداف، وبالتحديد ماجر (1962)
وبلوم (1968-1976-1979).ومنذ ظهور الترجمة الفرنسية لمؤلف ماجر (1971) ثم مؤلفات
مثل مؤلفات هاملين (1980) ودولاند شهير (1980) وهينو (1983) أصبحت بيداغوجيا
التدريس بالأهداف تكتسح أوربا أو تقنيات الأهداف البيداغوجية(p86). و وجب الذكر أن هذه البيداغوجيا جرت وراءها
موجة من الإصلاحات المتعلقة بالبرامج التربوية والتعليمية. وإن كل من جرف لم يعد
قادرا على التفكير بالمحتوى وحده، بل يجب في نظره تحديد الهدف الذي هو قدرة ممارسة
على المحتوى وتحديد النتائج المرتقبة في سلوكات قابلة للملاحظة بشكل لا غموض فيه
لأن الهدف الإجرائي هدف يدقق في شروط الإنجاز ومعايير التحكم. (p87)
بعد
هذه المرحلة دخل العالم مرحلة العولمة التي تتجسد اقتصاديا في التنافسية وشمولية
السوق والشركات المتعددة الجنسيات، وداخل المقاولات أصبح الهم السائد هو البحث عن
النجاعة والمردودية والحديث عن التكيف مهيمنا.ثم إن منطق المنافسة والمردودية دفع
بالمقاولات إلى خلق مصالح تهتم بالتكوين منطلقة في ذلك من تحليل المهام وصولا إلى
تحديد الكفايات المطلوبة، ذلك ما كان سببا في ظهور مفهوم مرجع الكفايات(p88) . قد تكون هذه
المصالح المختصة في التكوين داخل المقاولات باهضة الثمن وتكلفها الشئ الكثير وهو
ما دفع بالمقاولات إلى إرغام المدرسة على تغيير برامجها وفق كمنظور كفاياتي (p88)، بل هناك بعض
الباترونا من أعلنوا عن استعدادهم الكامل لمساعدة الأنظمة التربوية على التغيير
والتعاون وتحمل أعباء التكوين في نفس الاتجاه المذكور آنفا. ولهذا السبب نجم عن
ضغط المقاولات الأوربية على الاتحاد الأوربي برنامج UNICAP المعروف باسم (Unités Capitalisables) الذي يسعى إلى
تحديد مراجع للكفايات لكل عينة مهنية وتوزيع التكوين في وحدات وكل وحدة تحدد
بمدخلات (كفايات مكتسبة سابقا من طرف التلميذ والطالب ومتحكم فيها ) وبمخرجاتها (
كفايات ينبغي التحكم فيها، وأنماط التصديق). وكان لهذا البرنامج تأثير على التعليم
التقني والتكوين المهني ومؤسسات التكوين المستمر ومصالح التكوين في المقاولات(p89). فمراجع
الكفايات تتطلب كفايات عرضانية ، أي كفايات تمارس في وضعيات مختلفة ومتنوعة.
هكذا
يتضح لنا أن العالم السسيو-اقتصادي كان وراء ظهورالمقاربة بالكفايات وأن خبراء
العاملين في المقاولات كانوا أول من ألف في موضوع الكفايات مثل لوبترف
(1994-1997-1998) و لفي لوبويير (1996) ثم جاء بعدهما الخبراء في التربية أمثال
رومانفيل (1996) وبيرنو(1997).
يتبن
من خلال التقارير وأشغال منظمات وتنظيمات دولية مثل البنك العالمي و OCDE و اليونسكو واليونسيف والبنود PNUD الإلحاح على تأهيل الأنظمة التربوية باللجوء
إلى تطوير منهاج دراسي مبني على تعلم مجموعة من الكفايات الأساسية(p89).
Quel avenir pour les compétences? Ed. De boeck.2000
نص2:
يتعلق
الأمر إذن بتنمية الكفايات المنتظرة من قبل مجتمع المردودية والإنجاز. ففي كندا
كما هو الحال في بعض الكانتونات السويسرية تتأسس الإصلاحات في التعليم على مبادئ
تعود لعالم الصناعة (...) توجد الأنظمة المدرسية اليوم في منعطف (...) ومن أجل
الاستجابة لمذهب النجاعة سيكون المنهاج الدراسي المثالي هو القائم على مواد أساسية
كالرياضيات والعلوم الطبيعية واللغات الأجنبية ولا يعطي إلا حيزا صغيرا للتخصصات
الثقافية.
Gérard Boutin, l’approche par compétences en éducation : Un amalgame paradigmatique,
Revue de psychosociologie, sciences humaines, 2004-06, N81
خلاصات:
أولا: المرور من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة
بالكفايات كان نتيجة تطور مطالب التكوين وتنوعها.
ثانيا: ارتباط المدرسة بعالم الصناعة والشغل.
ثالثا: دخول التعليم والتكوين عهد المردودية والنجاعة.
المقاربة
الإيديولوجية: جدالات حول المصالح والرهانات
نص1:
يرى فليب بيرنو أن هناك عدة
دول كالبرازيل والكيبك ودول أوربية مثل فرنسا والبرتغال وإسبانيا وبلجيكا أدخلت أو
اعتمدت في التعليم الأساسي برامج موجهة نحو تنمية الكفايات. و إن هذه المناهج
الدراسية كانت دائما مدعومة من قبل الحكومات أو البرلمانيين اليمينيين أو اليمين
الوسط، و مدعومة كذلك من منظمات دولية مثل OCDE والبنك الدولي، و قد تدخلت تلك المنظمات في
الوقت الذي فرضت فيه الكفاية في عالم المقاولات لوضع حد للتأهيلات والتضامن
العمالي لتبريرها للأجر المستحق. لقد حدث كل ذلك في سياق عولمي شمولي وليبرالي
جديد فكان موقف اليسار هو أن البرامج التعليمية الموجهة نحو الكفايات من إبداع
الطبقات المهيمنة والقوى المحافظة عالميا، ولذلك ينبغي التشهير بها والصراع ضدها
وإعادة التأكيد على القيمة الجمهورية للمعرفة.
سيكون
من الملائم التساؤل عما تخبئه المناهج الدراسية الجديدة وأي طبقات اجتماعية تستفيد
من ذلك. لكن ينبغي توخي الحذر لأن جميع الباحثين والمفكرين والمدرسين الذين
يشاركون في التحولات الحاصلة في الأنظمة التربوية، عليهم جميعا العثور على طريق
واسع بين سذاجة لا يغتفر لها وبارانويا مشلولة.
سيقول
المؤرخون بعد ثلاثين أو خمسين سنة ربما كانت البرامج ستكون أفضل لو تم كذا أو كذا.
ليس لنا من داع للتراجع؛ إذ يجب علينا التلاؤم مع وضعية بدون معرفة بالتحديد ما
نعارضه ولا إلى من نمد اليد. فالأكثر انتباها منا يعمل على تبني موقف منتبه كي لا
ينخرط ولا يتلفظ بشئ. وقد تسمح هذه النباهة في الحفاظ على الفضيلة الذاتية إلا أن
التاريخ لا ينتظر أولئك الذين ينتظرون نهايته وبعد ذلك سيدخلون المعركة.
Ph.perrenoud,http://www.unige.ch/faose/SSE/teachers/perrenoud/php_2002/2002_12.html.
نص2:
يعود
ظهور فكرة الكفاية في نظر روني أميغس إلى سنة 1969 مع النحو التوليدي مع تشومسكي
وهي تعني نسق القواعد المستضمرة التي تسمح بفهم وإنتاج عدد لا محدود من الجمل
المجهولة للمتكلم. وما يميز هذه الكفاية النحوية أنها فطرية وضمنية في الآن نفسه
وموزعة بين جميع المتحاورين الذين ينتمون لنفس المجموعة اللسانية.
ليست
كلمة الكفاية جديدة في رأي كرغوات، وإن ما هو جديد هي الفكرة والمكانة التي تحتلها
حاليا في الخطابات والممارسات سواء المرتبط منها بالمقاولة أو المدرسة.
لقد ظهرت الفكرة في
الخمسينيات من القرن العشرين، في مجال التكوين، وخاصة التكوين المهني والتكوين
المستمر وقد اختزلها ريموند فاتيي سنة 1958 في ثلاث خصائص هي المعارف والاستعدادات
وإرادة العمل أو الإرادة الجيدة أي أن هذا التحديد يرتكز على المعارف والمهارات
وحسن التواجد، وهو التحديد الذي مازال مستعملا حتى الآن، من بعض الوجوه.
أما في سنوات الثمانينيات
فقد ظهرت فكرة الكفاية في النصوص الرسمية للتربية الوطنية، وفي 1990 ظهرت في عالم
المقاولات. وما يلاحظ بالنسبة لبريسكا كرغوات أن ظهور الكفاية في فترة التسعينيات
في عالم المقاولة تطبعه أزمة الشغل والبحث عن نماذج جديدة للإنتاجية واللانقابية،
ولكن أيضا العمل على مأسسة التكوين المستمر وتأزم جودة التربية المدرسية.
إن الغاية هي توجيه أكبر
عدد ممكن إلى الشغل مبكرا قبل حيازة الباكالوريا ومن هنا كانت الفكرة الداعية إلى
إنشاء باكالوريات مهنية وتداريب بالمقاولات وتكوينات بالتناوب وإدخال تعلمات إلى
المقاولات الكبرى تحت اسم "التأهيل" في عالم الشغل و" المعارف
التخصصية " في مجال التربية، وهكذا انحصرت الكفاية في القدرات والاستعدادات
والمهارات رغم ما تحبل به من معاني في علم النفس، واللسانيات والاقتصاد
والسسيولوجيا.
إن التأهيلات حول التكوين
المهني والمستمر ستتوطد طيلة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي داخل
المقاولات والتربية الوطنية كذلك.لقد تم إدخال النموذج القائم على الكفايات في
التعليم المهني والتقني في أول الأمر قبل أن يتهم من الحكومة والإدارات المركزية
في مختلف مسالك التعليم. ولكي يتم تعديل المحتويات المدرسية بدأ الشروع في تشكيل
لجنة وطنية للبرامج، وهي لجنة تتشكل من ممثلين من التربية الوطنية والمهنيين هدفها
هو التأسيس لميثاق للبرامج، حيث سيخول هذا الميثاق، وسيضفي الشرعية على المرور إلى
تعليم يستهدف إنتاج كفايات قابلة للتحقق في وضعيات نوعية. لقد تم المرور من خلال
هذا الميثاق، من تعريف وتحديد البرامج من أهداف الإحالة بالنسبة للتعليم العام إلى
نظام مرجعي référentiels بالنسبة للتعليم التقني والمهني.
يهم النظام المرجعي الخاص
بالدبلوم تحديد الكفايات المنتظرة لممارسة نشاط في قطاع مهني والشروط التي يتم
فيها تقويم ذلك النشاط. فهو الحامل الرئيسي لتقويم المكتسبات ومنع الدبلوم سواء في
التكوين الأولي أو التكوين المستمر.
لقد قدم النظام المرجعي
كأداة تسمح بوضع تناسب بين عرض تكويني واسع وتوزيع للأنشطة المهنية. ومجموع هذه
الدبلومات المحددة بأنظمة للمراجع تسعى لإقامة تقويم للمكتسبات على شكل مراقبة
مستمرة بألفاظ القدرة على: حل وضعية، استعمال معرفة... ويبدو وكما لو صار التقويم
أداة لسياسة تربوية تبحث عن تحويل نمط المراقبة.
وأخيرا يبدو نظام المراجع
كتعاقد بين التلاميذ والمستخدمين والمكونين. والحاصل أن هذه العقلنة للمعرفة
تدفعها إلى عدم تحديد البرامج انطلاقا من معارف تخصصية، لكن بالانطلاق من وضعيات
يجب على التلاميذ التحكم فيها.
ارتبطت الكفاية، كذلك، في
المقاولات بإدخال سياسة موجهة نحو البحث عن الليونة سواء في مجال العمل أو تنظيم
الشغل وتدبير الموارد البشرية، وذلك ما أدى إلى البحث عن تعاقدات جديدة بين
النقابات وأرباب الشغل.
إن إدخال الكفاية في
المقاولات جعل هذه الأخيرة تعمل بأنظمة جديدة في التوظيف والتخرج والأجر، وذلك ما
جعل التأهيل يعود إلى واجهة الحوارات الاجتماعية من جديد شأنه شأن التكوين المستمر
إلا أن التأهيل سيظل مضمونه عصيا على التحديد عوض الكفاية التي تبدو كعلاقة بين
بعض العمليات التقنية وتقدير قيمتها الاجتماعية، ثم إن الكفاية تفردن الأفراد.
تتموضع فكرة حسن التواجد بين
المعرفة والفعل وتقويمه بناء على قدرة فرد على استعمال معارفه في وضعية عمل معطاة
إلا أن حسن التواجد قد يبدو ككفايات سلوكية أو معارف سلوكية.
تبنين فكرة حسن التواجد
منطوقي التكوين وتحدد لحظتي الانتقاء: تشغيل مرشح وتوظيفه في نهاية تكوين معين.
ففي الوهلة الأولى للتوظيف تكون معايير الانتقاء غير مرتبطة بكفايات يقال عنها
مهنية مادام المترشحون يلجون تكوينا أساسيا حول أشغال أو مناصب نوعية بهذه
المقاولات. يتعلق الأمر بتقويم للمترشحين ليس فقط حول معارف مصاغة (اختبارات
ورياضيات...)، ولكن أيضا تقويم تجاربهم (اختبارات تضعهم في وضعيات، دراسة الملف
المدرسي، مقابلات أمام لجنة التحكيم التابعة للمقاولة).
إن الأخذ بعين الاعتبار،
أثناء الانتقاء، بالتجارب يحيلنا على الوضعيات المعيشة في المدرسة عوض الوضعيات
المعيشة في سوق العمل. كما يحيل كذلك على تجارب مرتبطة بالأصل الاجتماعي: الأصل
الإثني، الجنس...، ورغم ذلك يظل الدبلوم الوسيلة الوحيدة والمعيار الرئيسي لإثبات
صلاحية المعارف والمهارات، دون أن نفعل تدخل معارف أخرى مثل علم النفس لمعرفة
المواقف والميول والاتجاهات، وستكون المصلحة في النهاية غموض قواعد الانتقاء لأن
التقويم يرتكز على معايير ذاتية: تذويتية ومطبعنة.
بما أن التربية الوطنية لا
تقوم، رسميا، حسن التواجد فلأن مفهوم المواطنة في المدرسة دخل حديثا إليها ويرتكز
على إنجاز تعاقد بين التلاميذ والمدرسين والمدير.
إن إرادة العودة حاضرة هنا
وهناك، هنا بالمدرسة وهناك بالمقاولة، فهنا نجد المواطنة وهناك حسن التواجد
بالمقاولة. فالمدرسة تعلم القيم والمعارف المدنية الضرورية لممارسة الديموقراطية،
ولكنها من جانب آخر لا تعطي للتلاميذ الوسائل لممارستها داخلها.
عن بريسكا كرغوات بتصرف http://www.Sciences.fr/éducation
نص3:
سادت
الفوردية في النظام الرأسمالي القديم كشكل تنظيمي يتحدد من خلال ثلاث خاصيات هي
أولا؛ خاصية تمركز المؤسسات، ثانيا؛ خاصية العلاقات الاجتماعية القارة، ثالثا؛
خاصية القيم الاجتماعية الجماعية القوية. وأما مع مجيء (مجتمع الشبكات)، حسب تعبير
السسيولوجي مانويل كاستيل، في عصر الإعلام فقد أصبحت اللامركزية هي الخاصية
المميزة للعلاقات في المقاولة والعائلة والدولة.إنه تحول يتجاوز الهرمية
التايلورية ليدخل المجتمع أشكال جديدة من العمل والاستهلاك، محدثا انفجارا في
العلاقات الأجرية.
إنه
لمن البديهي أن تقوم المنافسة على الجودة و التجديد مما يطرح مسألة تنوع عقود
العمل وفردنة الأجور كأمر واقع، أخذا بعين الاعتبار تعدد التأهيلات وتنوعها
والاستعدادات والتحفيزات. فقيمة الأجير تظل قائمة فيما يميزه عن الآخرين من
أمثاله. وهو ما يفسر تراجع التضامن الطبقي ووحدة العمال. إنها قطيعة عميقة مع
التصور القائم على الوحدة.
يفيد
هذا التحول أن وضع العمل وقانونه قد عرفا تحولات عميقة من عقد لا محدود يرمز إلى
الاستقرار إلى المرونة (العقد المحدود المرتبط بالمهمة المحدودة في الزمن).ثم إن
شروط العمل بدورها عرفت تحولات وانقلابات ما أن أصبحت المقاولات خاضعة لإعادة
التنظيم لتتكيف مع المعطيات الجديدة للرأسمالية الجديدة: العولمة و الإعلاميات
وبرانية الإنتاج إلخ...
إن
تحول العلاقات الاجتماعية للإنتاج بفضل المنطق الصناعي الجديد والمالي للمقاولات
يترجم بضعف موقف العمال؛ فمن جهة أولى اختفى التضامن الاجتماعي بفعل دخول
المقاولات في شبكات مما أثر على المفاوضات بين العمال وأرباب الشغل، ثم الإلحاح
على مطلب المردودية الدائمة للعمال.وهكذا دخلت الرأسمالية الجديدة مرحلة الرأسملة
المالية والبشرية ( تقويم كل فرد على حدة انطلاقا من وظائف معارفه).وقد أفضى هذا
الواقع الجديد إلى مايلي:
1-
فردنة عقود العمل والتخلي عن البعد الجماعي: يفاوض العامل منفردا رب العمل.
2-
الهيمنة القبلية للعقد المقاولاتي على المفاوضات القطاعية والجماعية الذي لا يسمح
بظهور قوة نقابية.
3-
تطور منطق كفايات فردية وتشغيلية لتحل محل منطق التأهيل.
4-
التدبير الفردي للحماية الاجتماعية. فنسق الحماية الاجتماعية من الأخطار (العائلة،
البطالة، التقاعد..) المؤسسة على التضامن المميز لدولة الرفاه في المرحلة الفوردية
عوض بنسق تأميني خاص يقوم على الادخار المالي الفردي.
5-
إعطاء الأولوية للفرد على الجماعة ، وللاقتصادي على الاجتماعي، ولعقد العمل على القانون.وبذلك صار
الأجراء مسؤولين فرديا على مسارهم المهني وحمايتهم الاجتماعية.
الحسن اللحية، نهاية
المدرسة.ص ص
نص4:
لقد
شكل ظهور المدرسة ومؤسسات التربية بعد العائلة، في حد ذاته، تحولا عميقا بالمقارنة
مع ما سبق. واللبرالية الجديدة، الحالية، لا تريد تحويل المدرسة بسرعة كبيرة، بل
تعمل على تحيينها، يكفي الرجوع إلى هربرت سبنسر أحد رواد النزعة النفعية في القرن
التاسع عشر، وإلى بنيامين فرانكلان، وإلى جون جاك روسو، لنجد أن دور المدرسة
والتربية هو تهييئ الفرد لحياة كاملة. وبالاستناد إلى آدام سميث نجد المدرسة تعلم
أشياء نافعة، لذلك عليها أن تصغي للطلب الآتي من الكبارأو السوق.
تبلورت
هذه الرؤى النفعية واللبرالية عبر مراحل؛ فمنذ 1980 ظهر تصور فرداني وأكثر تسويقي
للمدرسة تزامن وانهيار المرحلة الفوردية وتصوراتها للعمل.وقد صار العامل المرن
النموذج المثالي للمدرسة والمقاولة معا. يجب على العامل أن يكون قادرا على استعمال
التكنولوجيات الجديدة ومبادرا لا ينتظر الإملاءات الفوقية، وذلك هو معنى
الاستقلالية.
إن
التطورات الحاصلة المجسدة في التبضيع تريد أن تجعل من المدرسة معملا جديدا لإنتاج
المعارف: التكوين، التكوين المستمر للعمال. لقد مرت الإنسانية من الإنسان المؤمن،
ثم مواطن الدولة، ثم المثقف صاحب المثال الإنساني لتصل إلى التصنيع والتسويق الذي
يعين الإنسان ككائن اقتصادي وكفرد خاص. لم نعد نفكر في الإنسان إلا كمورد من بين
موارد أخرى، ثم كمستهلك ينبغي إشباع حاجاته.
لقد
عرفت المدرسة كغيرها من المؤسسات تحولات عميقة في مفاهيمها، وتحويلا في الجهاز
المفاهيمي لاستقبال الروح اللبرالية. فالمعجم والفكر التدبيري بدأ ينطبق شيئا
فشيئا على التربية في جميع أبعادها، وذلك ما يجعل المؤسسة المدرسية كمقاولة تربوية
منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي. ومن بين تلك المفاهيم التدبيرية نجد التعلم
مدى الحياة والإنجاز والأداء والكفاية إلخ...
نص5:
يرى
الباحث نيكو هرت أن الإصلاحات الجارية في التعليم منذ عشر سنوات تدخل في إطار
مرحلة تاريخية جديدة مطبوعة بانزلاق المدرسة نحو الاقتصاد؛ إذ منذ ثمانينيات القرن
العشرين عرفت المدرسة موجة من النقد والإصلاحات تعبيرا عن ملاءمتها مع المتطلبات
الاقتصادية الجديدة. وقد ترجمت هذه الثورة على مستوى المحتويات بانزلاق المعارف
نحو الكفايات. إن ما يحدث بتعبير أدق، حسب المؤلف، هو تسويق فعلي وحقيقي للمدرسة
يشمل الملاءمة الواسعة للمحتويات والبنيات والمناهج والطرق التعليمية مع منتظرات
المشغلين، وقد تم استعمال الأنظمة التربوية لتحفيز بعض الأسواق. وأخيرا تحويل
التعليم والمعارف إلى سوق كبرى. فكيف حصل ماحصل؟ وكيف حصل أن تحولت المدرسة إلى
سوق والمعارف إلى كفايات؟.
للإجابة
على سؤالنا يعود كاتبنا إلى فترة السبعينيات من القرن العشرين لتفسير الأسباب التي
أدت إلى إعادة رسم السياسات التعليمية.وقد حصرها الباحث في ما يلي:
1-
ظهور التكنولوجيات الجديدة وما يرتبط بها من تراكم المعارف والتحولات التكنولوجية.
ثم بروز المنافسة واللجوء للتكنولوجيات الجديدة لغزو أسواق جديدة في تزامن مع
العولمة.
2-
تطور سوق الشغل وتحوله نحو البطالة المقنعة والتركيز على وظائف جديدة في اقتصاد
جديد كالإعلاميات والهندسات الإعلامية والصناعات المرتبطة بها.
3-
تخلي الدول عن التزاماتها القديمة لصالح القطاع الخاص.
وبالإضافة
إلى هذه العوامل الثلاثة عرفت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي
انعدام استقرار النمو الاقتصادي وكان التأهيل والأزمات المالية من الأسباب التي
أدت إلى التفكير في إصلاح التعليم.كما لم يغب التفكير في التعليم عن الأوساط
الاقتصادية منذ ثلاثين سنة خلت.إذن، أين تتمثل هذه القوة الأساسية التي أدت إلى
تجديد الأنظمة التعليمية؟ يرى نكو هرت أن إعادة التجديد تعود إلى التحولات
التكنولوجية والانقلابات الاقتصادية، حيث المدرسة لا تعمل إلا على التكيف مع
التحولات في واقع العمل.
يتخذ
تجديد الأنظمة التربوية استعارة مليئة بالغموض لما يفهم كتقدم أو كحرحة مضادة
للجمود؛ ستتجدد الأنظمة التربوية لتتحول من القسم والمدرسة إلى شبكة الانترنت،
وسيعوض الحاسوب الأستاذ، وستصبح البرانم التربوية حلا لمشاكل الوقت وسجون المدرسة
وإيقاعات التعلم.إننا أمام مدرسة جديدة على الساتل. فالمدرسة القديمة لم تكن قادرة
على تتبع واستيعاب التطور التكنولوجي ولا تقدم ما هو مطلوب من تكوين مطلوب من طرف
المقاولة، ولا تتمتع بالمرونة الكافية ولا الاستقلالية بالنظر إلى التطورات
المتسارعة على مستوى السوق.
إذن،
على المدرسة الجديدة أن تودع الأهداف المعرفية لصالح الكفايات المرتبطة بالتشغيلية
حتى تتلاءم والمقاولة والسوق، عبر مسالك مهنية وتمهينية واضحة. ولا شك أن
التكنولوجيات الجديدة قادرة على حل المشاكل في لحظة قصيرة بسحرها البيداغوجي
للقضاء على الفشل الدراسي وانعدام التحفيز وغياب التأطير.
إن
الهدف الأساسي، حسب الباحث نكو هرت، من التجديد متعدد الوجوه؛ فهو من جهة أولى
مراقبة للمعارف والكفايات والسلوكات التي سيكون عليها عمال ومستهلكي المستقبل، ومن جهة ثانية تتمثل المهمة
الأساسية للمدرسة في دعم المقاولة.
فما
ينتظره المشغل من المدرسة هو أن تكون الناشئة على الحرف المطلوبة كثيرا على مستوى
السوق وعلى الكفايات العرضانية والرفع من مستوى الفهم التكنولوجي والتعدد الثقافي
لأن مجالات العمل أصبحت مجالات عالمية ودولية.
ستكون
المعرفة المدرسية، وفق هذا المنظور، كالأكلات الجاهزة؛ معارف سريعة وسطحية تتجدد
كل يوم وبشكل دائم لتساير إيقاع التحول وانعدام استقرار الشغل: سيمر الشغيل في
المستقبل من شغل إلى آخر بشكل لا ينتهي والنتيجة الحتمية هي أنه عليه أن يجدد
معارفة –كفاياته- باستمرار وذلك هو مضمون التعلم مدى الحياة.
يعزى
اختفاء الشغل مدى الحياة لصالح العمل الظرفي والمدد المحدودة الإنتاج حسب الطلب
والعمل الليلي والعمل في نهاية الأسبوع إلخ...، وإلى تسارع التحولات التكنولوجية
ومطلب المرونة المرافق للأزمة الاقتصادية والمنافسة.
يمكننا
تخيل ما قد تقوم به التكنولوجيات الجديدة وهي تعوض ما كان يقوم به الإنسان –
العامل ليتفرغ للشأن العام و العمل الاجتماعي والثقافي أو ليستكمل التكوين ويواكب
التطورات المعرفية فيحافظ بذلك على منصب عمله.لكن منطق الاقتصاد يختلف عن منطق
التأمل والافتراض، وخاصة إذا ما كان هذا المنطق يشتغل في أزمات وظروف غير مستقرة
تدفع للإنتاج بأقل عدد ممكن من العمال وبأقل التكاليف. وذلك ما يفسر بالليونة في
العمل كحل للازمات غير المتوقعة، ويفسر المنطق القائل بأن التقدم التقني يتطلب
الليونة والتكيفية، بل يفسر كذلك لماذا يجب أن يتكيف التعليم بشكل واسع
مع"الحاجيات" الاقتصادية؛ وبمعنى أكثر يجب على المتعلمين أن يكتسبوا مع
نهاية تمدرسهم الكفايات والمعارف والسلوكات التي تجعلهم عمالا منتجين وقابلين
للتشغيل لأن ما يميز الأنظمة التربوية، حسب تقرير الطاولة المستديرة، هو اللا
تلاؤم بين التعليم والمحيط الاقتصادي وتقادم الأنظمة التربوية والتكوينية.
ماهي
مطالب المرونة في العمل المفروضة على محتوى المعارف المدرسة في المدرسة؟ وما هي
المعارف والمهارات وحسن التواجدات التي يطالب بها المشغلون؟ إن اليد العاملة
المرنة هي يد عاملة متعددة الاستعمالات، يد متحركة وقابلة لاستكمال التكوين لأن
سرعة التحولات التكنولوجية وإيقاعات إعادة هيكلة الصناعات ومطالب التنافسية جعلت
العمال يغيرون عملهم باستمرار أو محيط العمل باستمرار.لذلك تطالب المقاولة بأنظمة
تربوية تنمي الكفايات، وبخاصة الأنظمة التربوية التي تنمي الكفايات التي تسمح
بالمرونة، أي قدرة العامل على التكيف. ثم إن المعارف المدرسية صارت ظرفية ولحظية
لا تستجيب للسياقات المهنية، وأهم ما ينبغي أن تنقله المدرسة هوأن تجعل الفرد
قادرا على تحصيل المعارف وفق الحاجات لأنه لا وجود لتكوين عام يؤهل الفرد للحصول
على كفاية مهنية. والنتيجة الحتمية لهذا التوجه تتجلى في تراجع الأهداف المعرفية
لصالح الكفايات التي تطالب بها التجارة والخدمات مثل قدرة العامل على الاستئناس
بالمحيط الذي فرضته التكنولوجيات الجديدة وتكيفه وقدرته على الاستجابة السريعة
للأوامر واتخاذ القرار والتكوين الذاتي.
تقتضي
المرونة المهنية وجود عمال أكثر تكيفا لهم القدرة على ممارسة مختلف المهام
الموكولة إليهم. وكما جاء في تقرير للجنة الأوربية بأنه لا يكفي أن يكون العامل
عارفا بالقراءة والحساب؛ إذ ينبغي أن يكون قادرا على التحكم في أشكال التواصل
وبلوغ المعلومة والتحكم في لغات متعددة. وبما أن المدرسة متخلفة عن الإيقاع الذي
تتطور به المعارف العملية والمعنية فمطلوب منها أن تزود التلاميذ بأسس تسمح لهم بأن
ينموا بأنفسهم معارفهم في المجالات التي تهمهم.هكذا ينزلق التكوين المدرسي نحو
التكوين المهني وتنزلق المعارف نحو الكفايات.
لا
تتمثل التشغيلية التي تعني التكيف الممكن لعمال المستقبل مع متطلبات المشغلين في
التأهيل أو في المعارف النظرية، بل في اكتساب كفايات تتماشى وتطور الشغل والمقاولة
وذلك بتشجيع التعلم مدى الحياة والإبداعية والمرونة والتكيفية والقدرة على تعلم
التعلم وحل المشاكل.
إذن،
ماذا ينبغي أن يدرس؟ تميز اللجنة الأوربية بين نوعين من الكفايات للاستجابة لحاجات
السياق الاقتصادي الجديد؛ منها الحاجة إلى تكوين أساسي متين، ثم الحاجة إلى كفايات
تسمح بالتجديد. يشمل التكوين الأساسي القراءة والحساب. في حين تتمثل كفايات
التجديد في استعدادات تكنولوجية واجتماعية وتنظيمية تسمح للعامل بالتكيف السريع مع
تحولات المحيط وتنظيم الشغل.كما أقرت OCDE
هذا التوجه منذ سنة1998 حينما دعت إلى استهداف أهداف ذات خصائص عامة عوض تعليم
مواد بدقة لأن عالم الشغل يتطلب جودة علائقية واستعدادا لغويا وإبداعية والقدرة
على العمل في فريق وحل المشاكل ومعرفة جيدة بالتكنولوجيات الجديدة، وهي كلها
كفايات لامحيد عنها اليوم للحصول على شغل والتكيف السريع مع التطورات ومتطلبات
الحياة المهنية.
وخلاصة
القول في هذا الباب إن اللجنة الأوربية وغيرها من المنظمات ذات التأثير في
السياسات التربوية أعرضت عن التخصصات والمحتويات المعرفية لصالح الكفايات العامة
والعرضانية، وعن تخصصية هيئات التدريس لصالح مدرسين غير مدرسي المواد، والإعراض عن
المواد لصالح الأنشطة والمجزرءات.
إن
المبتغى هو أن يصبح عامل المستقبل قادرا على الاندماج وتقبل الاكراهات المفروضة
عليه عن طريق تنمية كفايات اجتماعية، أي سلوكات واستعدادات ومواقف، وذلك ما يشير
إليه المجلس الأوربي لما أعلن في أحد تقاريره بأن ما سيحصل من تغيرات وتحولات
تكنولوجية في مجتمع الإعلام والمعرفة سيجعل الحدود بين التربية والتكوين تكاد تكون
منعدمة ومن ثمة وجب التركيز ليس على المهارة وحدها وإنما على حسن التواجد كذلك.
يفسر
هذا الموقف الأوربي بالدعوى القائلة بأن التكنولوجيات الجديدة ستؤثر تأثيرا كبيرا
إن لم نقل ستغير مرتكزات مستقبل التعليم ووظيفة المدرسة. فما هي هذه الوظيفة
الجديدة للمدرسة في مجتمع الإعلام والمعرفة والتكنولوجيات الجديدة؟.
الظاهر
أن المدرسة لم تعد مونوبولا لنقل المعرفة لأنها حسب وزيرة التعليم النمساوية
ستتمثل وظيفتها في نقل معارف مهنية جيدة واكتساب كفايات منهجية واجتماعية وكفايات
الاستقلالية والعمل في فريق والحوار وتدبير الخلاف والتواصل والمرونة والفكر
الابداعي والمعنى الاجتماعي وقابلية التكوين المستمر والتحفيز بغاية التعلم.ونفس
الشئ دافعت عنه ألمانيا عن طريق حزب هلموت كول لما رأى، هذا الحزب، بأنه من
الأهداف الأساسية للحزب في مجال التربية تكييف التربية والتعليم مع عالم الشغل
المستقبلي، وحيث أوجز مضمون هذا التكيف في الاستقلالية والمبادرة والابتكارية
والثقة في النفس والقدرة على الحكم على الأشياء والتركيب.
إذن
ستلقن مدرسة المستقبل كفايات اجتماعية أشير إليها ككفايات عرضانية، وهو ما تراه OCDE يختلف عن المقررات المدرسية القديمة القائمة
على المحتوى والتلقين.
رأينا
أن المواقف الداعية إلى إصلاح التعليم تورد أسباب استعجالية ذلك الإصلاح، وبالتالي
تتوخى تغيير وظيفة المدرسة بفضل تطور التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال (NTIC)، حيث فسر
الباحث نكو هرت هذه الدعوات المتكررة بالاستئناس بالتكنولوجيات الجديدة التي سينشأ
عليها الشباب، أي أن إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى المدرسة مبكرا يستهدف تنشئة
جديدة لعمال المستقبل في محيط معلوماتي، ولكن كذلك هو تحضير لمستهلكي الغد في محيط
تكنولوجي.ومن أجل ذلك عقدت لقاءات كثيرة مثل لقاء أوتاوا في سنة 1998 تحت شعار
عالم بلا حدود، وعقدت لقاءات أخرى تحت إشراف OCDE، تبين كلها أهمية التجارة الالكترونية في
التربية والتكوين، حيث ستتحول مؤسسات التربية والتكوين إلى مؤسسات تساعد الشباب
على إيجاد مكان لهم في مجتمع الإعلام والمعرفة.
لا
يختلف هذا التصور عن موقف وزير التربية الألماني يورغن روترغس لما رأى بأن مجتمع
المعرفة سيصير مجتمعا مكونا من طبقتين؛ الأولى طبقة عليا مسيرة للشبكات، وأخرى
طبقة دنيا تجهل الإعلاميات. فالتخوف الذي أبداه الوزير ألماني لم يكن في السابق
وكأن المجتمع لم تكن فيه طبقات. إن الهم الأساس أو الخلفية التي يصدر عنها الوزير
الألماني هي تجنب اللامساواة وانعدام تكافؤ الفرص ليصير الجميع مهندسا إعلاميا أو
يجب أن يغير الجميع وظائفهم ليصبحوا مهندسي إعلاميات.
لم تخف
طاولة المصنعين الأوربيين رغبتها في إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى المدرسة كتخصص
أساسي في التعليم والتكوين لتخويل المتعلمين ثقافة إعلامية كونية في مجتمع الإعلام
والمعرفة، ولظهور مصممين ومزودين ومنفذين ومستعملين أكفاء في هذا المجال لهم ثقافة
إعلامية كونية يتوجهون للعالم أجمع كمستهلك. وهو ما حصل لما قرر الاتحاد الأوربي
تجهيز جميع المدارس ما بين 2002و2005 بالتجهيزات الإعلامية وربطها بشبكة الانترنت.
نص6:
أغري
كثير من المدرسين والبيداغوجيين بالخطاب الباترونالي حينما أضحت تتردد القولة
الشهيرة الداعية إلى التقليل من المعرفة والإكثار من الكفايات؛ أي التأكيد على
التكوين بدل ملء الرؤوس، وتعلم التفكير بدل الحفظ. أليست هذه التصورات هي معركة
البيداغوجيا التقدمية تقليديا؟.
لقد
كانت المعارف المدرسية متهمة دائما من قبل الجميع مثل الرافضين لحفظ التواريخ وتقديس
الماضي لأنه ماض وتدريس سير الأسلاف لأنهم أسلاف وغير هؤلاء، إلا أن الإصلاحات
التي تدعو إليها الأوساط الاقتصادية اليوم لها طبيعة خاصة؛ فهي لا تستهدف ربط
التنظير بالممارسة حتى يتمثل التلاميذ المعارف المدرسية، وإن ما يحصل هو تبديل
اكتساب المعارف بالكفايات المرتبطة بإنتاجية العامل واختزالها في المهارات والنفعية
التي لم تعد المدرسة وحدها قادرة على تعليمها للمتعلمين. لذلك ستختزل مهمة المدرسة
في الكفايات العرضانية، وبالتالي تحول البرنامج الدراسي إلى قواعد للكفايات.
إن
انزلاق المعارف نحو الكفايات هو انعكاس لتطور مواز على مستوى سوق الشغل يتجلى في
التخلي عن فكرة التأهيل لصالح التشغيلية.
كان
التلاؤم بين المدرسة والشغل المبني على التأهيل أو إرادة التخطيط لتكوين يد عاملة
بعد الحرب العالمية الثانية يحدث في محيط مستقر، حيث يتمتع كل فرد بمنصب قار ومحدد
يتناسب ودبلوم معين، والإنتاجية قارة أو قابلة للتنبؤ، إلا أنه في الوقت الراهن لا
نجد غير التحولات السريعة، حيث يعمد العمال إلى تغيير مناصب شغلهم باستمرار وربما
شغلهم كذلك، بل صار من المستحيل التخطيط للإنتاج وبالتالي الحاجات لليد العاملة
مما جعل نظام التأهيل يبدو كعقبة أو عائق أمام التطور. وقد جاء ذلك في أزمنة تعرف
تزايد العاطلين بالشواهد والدبلومات العليا عن العمل، وتراجع الضمانات المؤسساتية
فيما يخص الشغل.
والحاصل
أن التأهيل فقد كل معنى لتحل التشغيلية محله كمفهوم أكثر غموضا. لقد كان التأهيل
مبيانا واضحا للقدرات الفكرية والتقنية ولمنصب الشغل والحقوق والواجبات وأما
التشغيلية، فهي على العكس من ذلك، هي تراكم كفايات عامة وعائمة لاحتلال منصب
افتراضا غير محدد، ولا تعترف بقدرات معينة ولا بحقوق معينة لأن الكفايات المطلوبة
دوما في عالم يتحول باستمرار هي الكفايات القابلة للتحويل والنقل. وإن ما سيعطي للفرد
قيمة في السوق، سوق الشغل، ويجعله يحصل على منصب شغل هو ما يسمح له بالمرور المرن
من تخصص إلى آخر.لذلك فإن المعارف العملية تتطور هناك خارج المدرسة.
لتحول
التأهيل إلى التشغيلية نتائج واضحة للعيان. فقد كان العمال فيما مضى يتفاوضون مع
المشغلين جماعة ، لكن التفاوض اليوم صار فرديا يخضع لمتطلبات المشغل. إنه منطق
الكفايات التفريدي الذي يحتم على كل عامل تكوين رأسماله الكفاياتي الأصلي المرن.
وذلك ما يفسر لماذا فقدت البرامج المدرسية والدبلومات والشواهد نفعيتها.لكن بماذا
ستعوض؟ يجيب الكتاب الأبيض الذي أصدرته اللجنة الأوربية بأن الدبلوم سيعوض
بالكفايات الجزئية الدورية، أي بالتصديق المجزوءاتي الذي لا يعني التأهيل بشكل عام (La charte des
programmes-la charte un lycée pourXXIsiecle- le décret sur les missions de
l'enseignement obligatoire).
وإنما التأهيل بواسطة بطائق الكفايات skill's card
وبرامج التعلم مدى الحياة.
خلاصات:
أولا: فرضت الكفاية في المدرسة بفضل مؤسسات دولية كالبنك الدولي
وبدعم من اليمين.
ثانيا: فرضت الكفاية لتضع حدا للتأهيل.
ثالثا: يستهدف منطق الكفاية توجيه أكبر عدد ممكن من التلاميذ إلى سوق الشغل
مبكرا قبل حيازة الباكالوريا.
رابعا: إن التطورات الحاصلة في سوق الشغل عالميا المجسدة في
التبضيع تريد أن تجعل من المدرسة معملا جديدا لإنتاج المعارف.
خامسا: استلهام المدرسة لمنطق المقاولة من حيث التسيير والتدبير
وركوب رهانات السوق وتحويل التكوين إلى سوق.
سادسا: ارتباط ظهور الكفاية بالبحث عن نماذج جديدة للإنتاجية واللانقابية.
سابعا: تمهين التعليم.
الباب
الثاني: المقاربات الوظيفية للكفايات
أولا: المقاربة
الإرغونومية للكفايات
نص1:
يقول
فليب جونير إذا تصفحنا مؤلفا هاما في علوم الشغل مثل مؤلف تانغوي (1986) لن نعثر
فيه على الكفاية وإنما على التأهيل la qualification (...). يعنى التأهيل بالصفات والمؤهلات التي
يشترط في الفرد أن يكتسبها لكي يؤدي عملا معينا (...) وهذه الصفات والمؤهلات تنتمي
إلى مجال المعارف والمهارات العملية التي يتعين اكتسابها خلال مراحل التكوين.
وتكون هذه الصفات وكذا أشكال التكوين التي تكتسب عبرها بعيدة أحيانا عن الواقع
الحقيقي للشغل. كما تكون المهمة المطلوب إنجازها غائبة في آخر المطاف عن سيرورة
التأهيل(...).
تختلف
وظيفة الكفايات في علوم الشغل اختلافا شديدا عن هذه النظرة التي حملها التأهيل في
بادئ الأمر. تستند الكفايات إلى نظرة تقر بوجود تفاعلات مفيدة ومجدية بين المهمة
المنجزة من قبل شخص ما وبين الطاقة الكامنة التي يختزنها هذا الشخص. وفي هذا
المنظور تقوم الكفايات بتدبير العلاقات الناشئة بين معارف الشخص القائم بالفعل
وبين أفعاله. كما تقوم هذه الكفايات نفسها بتنظيم سياق الفعل (تؤوله وتهيؤه ليكون
صالحا لإنجاز الفعل المراد إنجازه، وتراقب إنجاز الفعل في هذا السياق إلخ...). إن
الكفاية، خلافا للتأهيل، تجعل المهمة متمفصلة مع فعل الذات الفاعلة.
ولما
كانت هذه المهمة تتحدد بسياق الوضعيات التي سوف تنجز فيها، فإن الكفاية تقوم أيضا
بتدبير تطور السياق وتطور الوضعية خلال مجرى المعالجة (لمشكلة). وهكذا أصبحت كلمة
السياق والمهمة والوضعية والفعل هي الكلمات المفاتيح في التفكير في الكفايات(...)؛
أي أن الكفاية في منظور علوم الشغل هي القدرة التي يمتلكها الفرد لتدبير طاقته
الكامنة في وضعية معينة أو هي فعل الذات داخل وضعية؛ أي في سياق.
عن فليب جونير، الكفايات
والسوسيوبنائية- إطار نظري- ترجمة الحسين سحبان، مكتبة المدارس- الدار البيضاء ص.ص
14-20 بتصرف.
نص2:
إن أول ما ينبغي الإقرار به
هو تباين استعمال مفهوم الكفاية بين ميدان الشغل والوسط المدرسي. ففي مجال الشغل
والمقاولات فرضت الكفاية نفسها كمفهوم مقابل مفهوم التأهيل. فقد كان إسناد منصب
شغل مرتبطا ولمدة طويلة بامتلاك أهلية ما، أي مجموعة من المهارات والتقنيات التي
كانت موضوع تكوين رسمي متوج بالحصول على دبلوم معين. وبالفعل فإن المسؤولين على
المقاولات كانوا لا يتورعون عن إعلان عدم الرضى عن الفارق القائم بين التكوينات
المقدمة في وسط مدرسي (مركز التأهيل)، وبين واقع الشغل. فالتكوينات والتأهيلات في
نظرهم لا تضمن بتاتا القدرة الفعلية للأشخاص على المواجهة الفعالة والمبدعة
لوضعيات تتسم بالتطور المستمر وتتطلب جهدا متواصلا للتجدد والإبداع. وقد اتسعت هذه
الهوة أكثر بسبب الظروف الاقتصادية التي فرضت نفسها منذ حوالي خمس وعشرين سنة، مع
التطور التكنولوجي المتسارع والعمل الصناعي المتسم بالتدفق الجاد والمحكوم بالطلب
أكثر من العرض.
علاوة على التأهيل الذي
يشهد بامتلاك الأشخاص لتكوين نمطي موحد، فقد تم الشروع بعد ذلك في إطار المقاولات،
في تقييم الصفات المتميزة التي يمكن أن يتوفر عليها الشخص، بالنظر إلى مساره
الشخصي والمهني، والتي تمكنه من الاستجابة لوضعيات عمل مستجدة. فمجموع هذه القدرات
المتميزة هي التي أطلق عليها اسم الكفاية. وبهذا المعنى فقد تم النظر للكفاية
باعتبارها القدرة على تدبير وضعية مهنية مركبة. ويستتبع هذا التعريف ضرورة إضافة
بعد التجربة إلى التكوين لتكتمل أبعاد المفهوم.
ف.بيرنو، ز.روجيرز، ب.ري، بيداغوجيا الكفايات،
إعداد وترجمة محمد حمود، نشر مجموعة مدارس الملاك الأزرق، مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء.الأولى2004. .ص10-11
خلاصات:
أولا: الكفاية ليست هي التأهيل.
ثانيا: تستند الكفايات إلى نظرة تقر بوجود تفاعلات
مفيدة ومجدية بين المهمة المنجزة من قبل شخص ما وبين الطاقة الكامنة التي يختزنها
هذا الشخص: الكفاية طاقة كامنة.
ثالثا: الكفايات تدبير للعلاقات الناشئة بين معارف
الشخص القائم بالفعل وبين أفعال.
رابعا: هي متمفصلة مع فعل الذات الفاعلة.
خامسا: القدرة التي
يمتلكها الفرد لتدبير طاقته الكامنة في وضعية معينة أو هي فعل الذات داخل وضعية؛
أي في سياق: إنجازات الذات.
سادسا: الكفاية هي القدرة الفعلية للأشخاص على المواجهة الفعالة والمبدعة لوضعيات تتسم
بالتطور المستمر وتتطلب جهدا متواصلا للتجدد والإبداع.
سابعا: الكفاية هي الصفات المتميزة التي يمكن أن يتوفر عليها الشخص والتي تمكنه من
الاستجابة لوضعيات عمل مستجدة : القدرة على تدبير وضعية (التي لا تظهر إلا من خلال
الانجازات ضرورة).
ثانيا: مقاربة سوسيولوجيا الشغل للكفاية
نص1:
إن علم الاجتماع هو المجال
الطبيعي لدراسة الشغل في مختلف وجوهه، بمعنى أن علم اجتماع الشغل يبدو خصبا حينما
نتوسع في مسألة الكفاية المهنية؛ ومع ذلك يظهر لنا أن طرح الفكرة (فكرة الكفاية)
يظل حديث العهد في أعمال علماء الاجتماع، بينما كانت نعوتها ضمن اهتماماتهم بسبب
أثرها وعلاقاتها بموضوعات أساسية كالشغل وتقسيم العمل والتحول التقني إلخ...
سنلاحظ كيف أن الدراسات
المتخصصة في الكفاية المهنية تنجم مباشرة عن تطور الأبحاث المرتكزة على التأهيل أو
الكفاية كما سنتتبع كذلك كيف أن اللجوء إلى هذه الفكرة (فكرة الكفاية ) حول
النماذج التي وضعها علماء الاجتماع وفيما يمكنها أن تفيدنا في كشف وتوضيح ما يتعلق
بإشكاليتها.
اعتقد كثير من المؤلفين بأن
ظهور فكرة الكفاية جاء ليحل محل التأهيل،
وبشكل خاص انطلاقا من عدد كبير من الدراسات الدقيقة لعلماء الاجتماع، فهذا م.
ستروبانتس (1991) لاحظ بأنه منذ سنوات وقع انزلاق في معنى لفظ التأهيل نحو الكفاية،
ومع ذلك علينا ألا نقر بأن هذا الانزلاق ذي نظام لساني كما يعتقد ذلك الحس
المشترك: إنه يترجم تطورا واقعيا إن لم يكن إشكالات ونماذج منجزة سلفا فهو على
الأقل عبارة عن مقاربات مستعملة في تحليلها للشغل.
وبالفعل فإن تطور الآداب ما
بين سنوات 1970 و1980 يشهد على تمثل مختلف للعامل والعمل. ففي سنوات 1970 يكاد ينحصر هم علم الاجتماع في دراسة مناصب الشغل والمهام المطلوبة.
فما يمكن استخلاصه من تلك الأبحاث بشكل مكثف هو انحصارها بقوة في خبرة العامل وفي
جبره آليا وفق التنظيم العملي للشغل. فخلال هذه المرحلة لم يكن الاهتمام إلا
بالتأهيل، أساسا، من حيث أنه موضوع. ومنذ سنوات 1980 وفي سياق التغيير والنمو الواقعي للمشهد الصناعي وبشكل أساسي مع
ظهور الآلية آنذاك تم الاهتمام أكثر بالمعارف المستعملة في الشغل كما تمت دراسة
المعارف والخبرة وكفاية العمال. وفي الآن نفسه تغيرت الرؤية للعامل، حيث صار أجيرا
أو شغيلا وصار العمال جماعة يحددون بمظهرهم في المقاولة أو كجزء حادث لجماعة. إنهم
هنا ليبينوا عن خبرتهم وتمكنهم وكفايتهم وتجربتهم. ثم بالنسبة لهذا الأخير فإننا
نضع، هنا تغييرا في التمثل إذ بموجبه تفقد المعرفة قانونها لتستند للذات (...)
وتنحو علاقة المعرفة نحو تحديد نوع الكائن (الموجود القادر) وليس حسب ما يمكن أن
يتحصل (تحصيل معرفة أو الخوف من فقدانها).
إن اللجوء إلى فكرة الكفاية
يترجم استعمال المقاربة الأكثر وجودية الممركزة أساسا على الفرد. يتعلق الأمر هنا،
وكما يظهر لنا، في هذا التخصص الذي ظل لمدة طويلة ممركزا حول العامل من حيث أنه
ممثل جماعي. فمن الآن فصاعدا وتحت تأثير التطورات العلمية والمعرفية، سيهتم جزء
كبير من علم الاجتماع كذلك بالمعارف والخبرات في ذاتها عوض الطريقة التي يكتسب بها
الأفراد، سيستعملونها أو سيتفاوضون عليها.لقد أشار م. ستروبانتس إلى نقطة مشتركة
بين جميع الأبحاث: بمجرد الإعلان أو الكشف تبدو الممارسات المعرفية للعمال فعلية
وضرورية نسبيا غير معروفة. لا شيء يجمعها بالتمثلات الصورية التي كانت قد شيدتها
التصنيفات المهنية والشواهد المدرسية. إن علم الاجتماع يركز على وجود معارف غير
مهيكلة إلى جانب معارف صورية، وعلى معارف عملية إلى جانب مخزون محدد من المعارف،
وأن وضع التعارض بين الشكلي وغير الشكلي ضمن حيز عملي يسمح بتأمل وجود هوامش
مستقلة رغم الإكراهات القوية للشغل.
ماهي الكفايات؟ ص.ص 39 و40
نص2:
إن الكفاية ترتبط بعالم
الشغل. هذا الأمر أصبح واضحا منذ الثمانينيات من القرن الماضي إلا أن السؤال هو:
ما معنى الكفاية في تنظيم الشغل؟ استنادا إلى فليب زارفيان هناك ثلاث مقاربات
للإجابة عن السؤال؟ الأولى تنظر إلى الكفاية كتصور جديد للأجراء والأشخاص، وهو موقف يتلخص في المبادرة
والمسؤولية. والمقاربة الثانية تنتمي لنظام المعرفة والمقصود هنا بالمعارف التي
تعبأ في العمل، وذلك ما يجعل فليب زارفيان يقول بأن الكفاية هي الذكاء العملي الذي
يعملونه الناس في وضعية العمل. ويتلخص هذا الذكاء في فهم الوضعية وما نقوم به فيها
والفهم الموجه نحو الفعل. إنها أشياء لا تتناقض مع التعلم المدرسي والجامعي عامة
إلا أن الكفاية هنا شيء أوسع من الدبلوم، أي يتم حشد التجربة برمتها وتحويلها.
وأما المقاربة الثالثة
للكفاية فتتلخص في استبعاد اللجوء إلى المقاربة الفردية للكفاية، بمعنى أننا لا
نكون أصحاب كفاية بمفردنا أي في عزلة عن الآخرين. للفرد دائما كفايات محدودة. وبما
أن معظم الوضعيات تفرض اللجوء إلى مجموعة من الكفايات يعمل الفرد هنا على حشد
كفايات زملائه حين يمكنه إجراء مكالمة هاتفية أو طلب معلومات أو مناداته على أشخاص
ليساعدونه بطريقة ما. في حالة أخرى قد يوجد أفراد كثر في وضعية عمل وذلك ما يطلق
عليه فليب زارفيان شبكة عمل.
والإشكال الثاني الذي تطرق
إلية زارفيان هو الفرق بين الكفاية والتأهيل أو العلاقة بينهما. فالتأهيل مصادر
يتوفر عليها الفرد، تلك المصادر المكتسبة التي توضع قيد التنفيذ أو التي يعرف
الشخص كيف يضعها قيد التنفيذ، إلا أننا من منظور الكفاية نبحث عن الشخص الكافي
أثناء التنفيذ وليس فقط حينما يكون يمتلك مصادر معروفة.
تركز النقابات على التأهيل
وتولي تأهيل الفرد أهمية كبرى. إنها المصادر التي ينظمها ويجعلها جاهزة مهما كانت
الطريقة التي يستعملها المستخدم في ذلك. ولكن ما يهم المشغلين هو النتيجة، أي
الكفايات أو الاستعمال الملموس والمحسوس لما يتوفر عليه الفرد.
يرى زارفيان أن لفظ التأهيل
ظهر في سنوات الخمسينيات ولفظ الكفاية في الثمانينيات، وهما معا حديثي العهد
بالمقارنة مع لفظ الحرفة métier الذي يعود إلى القرون الوسطى، وقد جاء من
التعاونيات التي لها تاريخ وماض. للحرفة في نظره إيجابيات كثيرة بالمقارنة مع
التأهيل، فالحرفة تحيل على وسط اجتماعي وليس على فرد له مصادر. تتمثل أهمية الحرفة
في كونها وسطا للتعلم والانتماء الاجتماعي. فداخل الحرفة نجد الحرفيين، الناس
الذين لهم، تقريبا، نفس مجالات المعرفة المهنية التي يتقاسمونها فيما بينهم أو أن
الاعتراف بالاختلاف أو التباين على مستوى تلك الحرفة بين وواضح. وهناك أيضا تحويل
المعرفة أو نقلها بين الناس داخل نفس الحرفة. ثم هناك آثار التعليم حيث يعلم
القدامى الجدد. ثم إن الحرفة مجال قادر على تشكيل صيرورات مهنية، فمن المهم ألا
يكون الفرد كالذرة معزولا، فمن حيث أنه يمتلك حرفة فإنه يشعر بانتمائه، بوجوده في
المجتمع، والمجتمع بدوره يعرف من هو. إنه يعلن عن وسطه.
إن أهمية الوسط بالنسبة
للفرد داخلية وخارجية، حيث وجود الوعي المهني بالحرفة. إن محاولات قتل الحرفة
عديدة منها محاولات التايلورية والبيروقراطية ومفهوم منصب الشغل والتأهيل.
فالحرفة لها قواعد ومعارف
وعادات واستعمالات وميكانيزمات دفاعية إلخ... وهكذا فإن الحرفة تكاد تعيد إنتاج
ذاتها، وتنقل فيها القواعد المنجزة بين القدماء إلى الجدد، وتروم الانغلاق.
تخلخل الكفاية الاستقرار
الذي تعرفه الحرفة لأن الكفاية وضعيات، وهناك زبناء مختلفون لكل واحد له مشاكل
تختلف في الاستعمال عن الآخر. فالزبون يحمل مشكله، تحت أنظار العموم أو
المستعملين، ثم إن الزبون له قدرات نقدية متنامية بالإضافة إلى تطور التقنيات
والمطالب، وهي وضعيات جديدة تعجز المهنة عن الاستجابة لها.
إذا ما بقينا في نظر
زارفيان مكتفين بالتأهيل سنكون بدون مخرج لأن المقاربة التقليدية للوظيفة ( الشغل،
منصب الشغل) مقاربة فردانية، وهي مقاربة لا تقدم مساحة مهنية حقيقية ولا انتماء
حقيقيا، أي الصيرورة النشيطة للأجير. وعلى العكس إذا ما أدخلنا علاقة نشيطة بين
الحرفة واتخاذ المبادرة، بين المعارف المهنية الأساس والكفايات ستؤول الأمور إلى
رؤية أكثر دينامية.
وجوابا عن ظهور مفهوم
الكفاية زمنيا وفي المقاولة يقول فليب زارفيان بأن لفظ الكفاية يعود أصله إلى
نهاية سنوات الستينيات وبداية السبعينيات وإن كان لم يستعمل في تلك الفترة، وحينما
بدأ الحديث عن أزمة التايلورية، والدليل على ذلك الاضرابات المتتالية للعمال التي
جعلت من التايلورية شيئا مرفوضا ودخولها في أزمة من منظور النجاعة، حيث رفضها
الأشخاص الذين يعملون في العمل المتسلسل. وفي نفس الآن كان رفض النزعة
البيروقراطية، حيث الناس مجرد بيادق منفذين خالصين، وهو أمر أصبح مرفوضا في
المجتمع المعاصر.
لا يعود الأصل هنا للمقاولة
وإنما لتطور المجتمع بالطريقة التي يدرك بها الناس بعضهم البعض في المجتمع
وتفكيرهم في علاقتهم بالعمل. وأول صياغة لكل هذا كان هو الاستقلالية autonomie التي أفضت إلى تأزيم سلسلة من الأسباب في
المقاولة، وحيث أصبح التفكير، فيما بعد، في إنشاء مقاولة ما مصحوبا بالتفكير في
المراقبة: إنها المنتظرات، وليس الفرد هو من سيحدد النتيجة، منتظرات بالنسبة للشغل
والمقاولة والإدارة والمؤسسة مهما كان نوعها. ويمكن أن تكون وزارة التربية الوطنية
والرأي العام في انتظار أن يعمل التعليم على الرفع من جودة التلاميذ. هكذا أصبحت
المنتظرات تصاغ كأهداف أو كمهام تؤطر العمل، أي أصبح هناك فضاء مستقل والاستقلالية
مؤطرة بالأهداف، وكل مكان له طريقته في صياغتها. من أهم المعايير التي أصبح متفقا
عليها ما بين 1969 و1974 نجد الاستقلالية. فالشخص المستقل يرتب في مستوى عال وهو
معترف به وراتبه أعلى من الآخرين، وبذلك أصبح النموذج هو الأجراء المستقلين
والمسؤولين.
إذن حصلت قطيعة مع
التايلورية رغم أن الكلام عن الكفايات لم يبدأ بعد لطغيان التأهيل ومنصب الشغل.
والمنعطف الثاني الذي ظهرت
فيه كلمة "الكفاية" كان في بداية الثمانينيات، وخاصة في منتصف
الثمانينيات، حيث ظهرت الكلمة في المقاولة وخاصة المقاولات الصناعية التي كانت
تتوخى الخروج من الأزمة عن طريق الجودة وتنوع المنتوج، وحيث السوق تعرف تعددا
وتنوعا وتعقدا ومواصفات، ومنصب الشغل أصبح متجاوزا وأصبح هذا المستهلك أو ذاك هو
من يوحي بما ينتج، وبذلك أصبح البحث عن أصحاب الكفايات خارج منصب الشغل بالنظر
لمطلب النجاعة لأن "الوسيلة المثلى لجعل الناس ناجحين في المقاولة هو أن
يتحملوا نتائج المقاولة" عوض القول بأن " لهم مهام عليهم إنجازها وهم في
منصب ما، ثم هناك من يتكلف بتقييم النتائج المحصل عليها"؛ ومعنى ذلك أن
الجودة مسؤولية العمال وإذا تساءلوا لماذا الجودة وما هو أصلها وما هي الرهانات؟
تترآى الرهانات متعددة، رهانات المؤسسة أو التنظيم، ورهانات المستهلكين والاستعمال
والزبون إلخ... إنها رؤية توسع من فضاء الكفاية ومسؤولية الأجير.
الكفاية عند فليب زارفيان، عن لقاء مصور أجراه
زارفيان في 1999 لفائدة مديرية الموارد البشرية (DRH)
التابعة ل (ANPE) بتصرف.
خلاصات:
أولا: الكفاية
كتصور جديد للأجراء والأشخاص، وهو موقف
يتلخص في المبادرة والمسؤولية.
ثانيا: الكفاية تنتمي لنظام المعرفة والمقصود هنا بالمعارف التي تعبأ في
العمل.
ثالثا: الكفاية هي الذكاء العملي الذي يعملونه الناس في وضعية العمل. ويتلخص هذا الذكاء
في فهم الوضعية وما نقوم به فيها والفهم الموجه نحو الفعل: الانجاز.
رابعا: للفرد كفايات محدودة.
خامسا: كل وضعية في العمل تفرض تعبئة مجموعة من الكفايات بما فيها
كفايات زملاء العمل: كفايات جماعية وعلائقية تتحدد في وضعية: إنجاز جماعي أو إنجاز
فردي.
سادسا: الكفاية
وضعيات: لا
تظهر الكفاية إلا في وضعيات الانجاز.
سابعا: يهتم علم اجتماع الشغل بالكفاية المهنية.
ثامنا: التمركز على الفرد لا العامل.
ثالثا: المقاربة التدبيرية للكفاية
نص1:
يرى
لبوترف أنه لا يكفي تملك معارف أو قدرات ليكون الفرد كافيا، بل يجب معرفة استعمال
تلك القدرات والمعارف كما ينبغي في ظروف ملائمة.ولهذا وجب التمكن من المعرفة بالتوليف
والتحويل أو النقل والمهارة المعترف بها.
نص2:
يرى
غي لوبوترف أن المقصود في مجال المقاولة هي الكفايات المهنية؛ ولذلك فإن التعليم
قد ينمي أعمالا وأنواع أخرى من الكفايات ( معارف نظرية، ثقافة عامة، طرق العمل،
قيم...)، وهي قيم يمكنها أن تدخل فيما بعد في سيرورة بناء الكفايات المهنية. بينما
يكون التعليم المهني أكثر تميزا لأنه غايته تنتظم حول تهيئ المتعلم للممارسة
كفايات مهنية.
http:// www.3ct.com
نص3:
تصف
الكفايات "كيف" ينبغي أن تمارس وظيفة معينة وليس "لماذا تصلح تلك
الوظيفة".
لم تنتظر المقاولات، في نظر لوبترف، التسعينيات
من القرن العشرين لتهتم بالكفايات فمنذ زمن بعيد وهي تصرف أموالا على التكوين
المهني لتأهيل مستخدميها وتبحث عن توظيف مؤهلين أصحاب كفايات أو الذين لهم استعداد
لذلك. وأما الجدل الدائر حاليا حول الكفايات فإنه يسعى إلى إعطاء مضمون جديد
للكفايات وذلك راجع إلى المتطلبات الجديدة لتنافسية المقاولات وتطور السياقات
وتنظيمات الشغل وخصائص سوق الشغل وتطور التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال و
التقدم الحاصل في سيرورة التعلم ووظائفية المعرفي، وهي كلها أمور لا تنحصر في
المهارة وإنما تأخذ بعين الاعتبار القدرة على تدبير وضعيات مهنية. فأن تكون صاحب
كفاية لا يعنى أنك تعرف كيفية تنفيذ عملية معينة، بل المعرفة بالفعل ورد الفعل في
سياق خاص، أي مواجهة المحتمل والمجهول.ثم إن الكفاية المهنية تتحدد ليس فقط في
علاقتها بالشغل وإنما في علاقتها بالتشغيليةEmployabilité، و المعرفة بالتوليف والتعبئة في وضعية
العمل.
Quel avenir pour les compétences? De boeck, 2000 p15-16-17
نص4:
يعتبر
تنظيم الشغل دراسة نوعية للعمل الإنساني في أفق تحسينه، حيث يتم تحليل العمل ضمن
منظور سيكولوجي عوض المنظور الفزيولوجي، وكسيرورة، حيث يتفاعل العامل والمحيط،
فهذا التنظيم المتعلق بالعامل –الفاعل تطور في نفس الوقت الذي انتشرت فيه الآلية
والنزعة المعلوماتية إذ يتم تحويل أعمال يدوية إلى أعمال آلية متكررة، وبذلك تكلفت
التكنولوجيات الحديثة بالمهام الأكثر تعقيدا أو ساهمت في تطوير العمل الذهني...
إن مفهوم الكفاية يظل حديثا
في هذا المجال حيث صار هذا المفهوم شيئا فشيئا لا غنى عنه إذا ما أردنا فقط الوصف،
وخصوصا تفسير الممارسات المهنية ويقترح دو مونتملان في هذا الإطار ثلاث مركبات في
الكفايات هي: المعارف التي تسمح بفهم كيف يعمل هذا، والتي يمكنها أن تتحصل عن طريق
تكوين تمهيدي، ثم الخبرة التي تشير إلى كيف يعمل، وما وراء المعارف التي تسمح
بتدبير معارف والتي لا تتحصل إلا بالتجربة.والسؤال الذي يطرح نفسه هوكيف يمكن
إدخال هذا المفهوم في مجال تنظيم العمل (الشغل). وماذا يمكن أن نجني من هذا كله ؟.
وردا على هذا اقترح دمونتملان
أن الكفاية لا تختلف كثيرا عن مفاهيم مثل المهارة والخبرة والقدرة و المعرفة وحسن
الأداء، فهي كلها تشرح بعضها البعض ومتبادلة أو تنوب عن بعضها البعض.
إن الكفاية عبارة عن فكرة
مجرة أو افتراضية، حيث لا يمكن أن نلاحظ إلا تمظهراتها ولا يستدل عليها إلا من
خلال الاعتقاد بتجليها. أما فيما يخص مجال تنظيم الشغل فإن تقويم الكفايات لا يمكن
أن يتم إلا من خلال الإحالة المباشرة على المهام المنجزة التامة المكتملة. أما من
ناحية علم الاجتماع أو بالأحرى علم اجتماع الشغل الذي يبدو خصبا عندما يطرح فكرة
الكفايات إذا كانت نعوتها ضمن اهتمام علماء الاجتماع بسبب أثرها وعلاقتها بموضوعات
أساسية كالشغل والأجر وتقسيم العمل والتحول التقني. وقد اعتقد كثير من المؤلفين
بأن ظهور فكرة الكفاية جاء ليحل محل التأهيل، وبشكل خاص انطلاقا من عدد كبير من
الدراسات الدقيقة لعلماء الاجتماع، وأن اللجوء إلى فكرة الكفايات يترجم استعمال
المقاربات الأكثر وجودية الممركزة أساسا على الفرد أي ممركزة على العامل من حيث
أنه ممثل جماعي.
لقد كتب الكثير فيما يخص
انعدام التأهيل، الذي سيطر إلى حدود 1980، ومع ظهور النزعة الفردية وإدماج المعلومات في سيرورة الإنتاج اعتقد
الباحثون دوما بتغيير حاصل فعليا في الكفايات، واكتشفوا تعقد إجراءات الشغل
والسيرورات الذهنية التي تتضمن مهام المشغلين للآلة. وقد ظهرت مجموعة من الممارسات
الجديدة للمقاولات في مجال تنظيم العمل والتدبير إلى منح المسؤولية للعمال
فمجموعات التعبير ودوائر الجودة وتوسيع مهام التصنيع والمقابلة وتقليص مستويات
التراثية ليست أجزاء بسيطة تعود للآلة أو لمدراء الأعمال، إنها ترجمة واقعية
لمحاولات تحويل تنظيم العمل من أجل استعمال جيد للمعارف والخبرات، وبشكل خاص إزالة
الحواجز أمام المعرفة الإجرائية والنظرية.
وأخيرا نعتبر أن إدخال
الآلية ساهم في تطوير فرضية التجريد المتنامي للكفايات المرتبطة بها، وبالمقابل
هناك باحثون يعتقدون بأن فكرة "إدخال المعلوميات" إلى قطاع الإنتاج هي
معارف أكثر تجريدا، مثلا لوكاش Lucas يفترض فكرة
"التثقيف المتنامي للعامل" مبينا بأن "اليد العاملة" للحرفي
أو المهني لم تكن يوما يدوية لكنها تفترض، على العكس من ذلك، قدرات عقلية ومعرفية
لم تؤخذ في الحسبان لأنها كانت مجهولة. ومن أجل الختم نقول بأن كثير من المؤلفين
اكتشفوا وضع المعارف قيد التطبيق بتعقيد وتجريد كبيرين وأقل تجزيئا بالمقارنة مع
النزعة التايلورية التي لم تسمح بافتراضها في ضوء تحولات سيرورات الإنتاج، وبشكل
خاص إدخال الإعلاميات والآلية، وفيما يخص الصنف الآخر من المؤلفين فإنه يرى بأن
الاستراتيجيات المعرفية المعقدة تعمل على ضم الأنشطة المعتادة للغاية.
ما هي الكفايات؟، ص.ص 33-44
خلاصات:
أولا: لا يكفي تملك معارف أو قدرات ليكون الفرد كافيا، بل يجب
معرفة استعمال تلك القدرات والمعارف كما ينبغي في ظروف ملائمة.
ثانيا: تصف
الكفايات "كيف" ينبغي أن تمارس وظيفة معينة: الإجرائية ، الإنجاز.
ثالثا: الكفاية هي القدرة على تدبير وضعيات مهنية: أن تكون صاحب
كفاية لا يعنى أنك تعرف كيفية تنفيذ عملية معينة، بل المعرفة بالفعل ورد الفعل في
سياق خاص، أي مواجهة المحتمل والمجهول: إنجازات في وضعيات معلومة ومجهولة.
رابعا: المقاربة اللسانية للكفاية
نص1:
يرى
فليب جونير أن اللسانيين قدموا تعريفا لمفهوم الكفاية منذ بداية القرن العشرين عن
طريق تمييزه عن الإنجاز. فالكفاية في ما يقول لوني هي مجموع المعارف اللسانية التي
يمتلكها متكلم ما فتتيح له تركيب عدد لا متناه من الجمل وفهمها. وهكذا تتقابل
الكفاية والإنجاز لدى اللسانيين.
ميز
دي سوسير في بداية الأمر بين اللسان والكلام واعتبر اللسان منظومة من العلامات
المشتركة بين أفراد جماعة لسانية ما، والكلام مجموعة من المنطوقات (الشفوية
والكتابية) اللامتناهية افتراضيا الصادرة عن أفراد هذه الجماعة اللسانية نفسها.
وأقام تشومسكي تقابلا بين الكفاية اللسانية والإنجاز. فالكفاية اللسانية معرفة
ضمنية أو مضمرة تتركب من مجموعة من القواعد التي تمنح لفرد ما إمكانية توليد فعلي
لعدد لا متناه من التراكيب اللغوية. يتعلق الأمر أساسا بطاقة فردية كامنة لم تنشط
بعد. وهكذا تظل الكفاية شيئا افتراضيا أو إمكانيا متسمة بنوع من الفطرية.
وأما
الإنجاز فهو في هذا السياق اللساني الاستعمال الفعلي للغة في وضعيات ملموسة. إنه
تحقيق للكفاية. وإذا كانت الكفاية اللسانية فردية فإن الإنجاز كيان اجتماعي.
وحاصل
القول أن الكفاية اللسانية علاوة على كونها تحيل على الكلام وأنها فطرية وذات وجود
افتراضي وتنتمي للمجال الفردي وهي طاقة كامنة لا تنشط إلا بالإنجاز الذي يحيل على
اللسان والوجود الفعلي، فإن تحققها الفعلي لا يتم إلا في وضعية تواصلية محددة.
عن فليب جونير، الكفايات
والسوسيوبنائية- إطار نظري- ترجمة الحسين سحبان، مكتبة المدارس- الدار البيضاء ص.ص
9-10-11 بتصرف.
خلاصات:
أولا:
الكفاية هي مجموع المعارف اللسانية التي يمتلكها متكلم ما فتتيح له تركيب عدد لا
متناه من الجمل وفهمها.
ثانيا: الكفاية
اللسانية معرفة ضمنية أو مضمرة تتركب من مجموعة من القواعد التي تمنح لفرد ما
إمكانية توليد فعلي لعدد لا متناه من التراكيب اللغوية. يتعلق الأمر أساسا بطاقة
فردية كامنة لم تنشط بعد: الكفاية شيئا افتراضيا أو إمكانيا متسمة بنوع من
الفطرية.
ثالثا: الإنجاز في السياق اللساني هو الاستعمال الفعلي للغة في
وضعيات ملموسة
رابعا: تحقق الكفاية لا يكون إلا في وضعية تواصلية.
خامسا: المقاربة المعرفية للكفاية
نص1:
إن
التعليم- التعلم، في نظر المعرفيين، هو معالجة المعلومة. وبالفعل فإن المدرس يعالج
دائما عددا لا يستهان به من المعلومات؛ فهو يعالج معلومات على مستوى المعارف
المحصل عليها من أجل أهداف، ومعلومات حول المكونات العاطفية والمعرفية للتلميذ،
وأخرى تتعلق بتدبير القسم.
ومن
جانب آخر فالتلميذ يعالج هو الآخر كما هائلا من المعلومات النابعة من تجاربه
المدرسية السابقة (...) ومعارف السابقة كذلك، ويقيم علاقات بين معارفه السابقة
والمعلومات المعالجة، ويختار استراتيجيات ذاتية للنجاح في المهمة. كما أنه يعالج
معلومات تتعلق بالمتامعرفي (الوعي الدائم باستراتيجياته وبالتزاماته الذاتية
وإصراره في العمل).
وعلى
وجه التحديد يعتبر المعرفيون الذات المتعلمة ذاتا نشيطة تبني مكتسباتها وتدمجها
وتعيد استعمال المعارف، علما بأن هذه المعارف تبنى تدريجيا.
وتتمثل
مهمة علم النفس المعرفي في تحليل الشروط التي تخلق الاحتمالات الأكثر قوة التي
تثير وتسمح بالتعلم والاكتساب والإدماج وإعادة استعمال المعارف لدى المتعلم.
حسب
التصور المعرفي فإن الذات تلعب دورا في التعلم. فهي ليست نشيطة لكن يجب أن تكون
واعية على الدوام بما يحدث خارجها وداخلها. مثلا سيكون المتعلم مجبرا على الانتقاء
من بين معلومات كثيرة قدمت إليه. ففي هذه السيرورة تبدو إبداعية القواعد التي تسمح
بالنشاط الدال.
سيكون
دور المدرس هو المساعدة على خلق القواعد الصحيحة والناجعة بفضل كثير من الأمثلة
التي يتملكها المتعلم.
في
سيرورة التحصيل والإدماج لمعارف جديدة لا تحدد المعارف المخزنة في الذاكرة الطويلة
المدى ما يمكن تعلمه فقط ولكن ما يتعلمه التلميذ فعليا والطريقة التي تتعلم بها
المعارف الجديدة. فالتعلم هو إقامة روابط بين المعلومات الجديدة والمعارف السابقة،
وهو ما يعني أن التعلم سيرورة تراكمية؛ أي أن المعارف الجديدة تنضاف إلى السابقة
إما بتأكيدها أو إضافة معلومات جديدة أو تعريتها: التصحيح، التحليل...
لا
يحتوى النسق المعرفي للتلميذ على معارف استاتيكية، بل يحتوي على معارف دينامية
ومجموعة من الاستراتيجيات المعرفية والميتامعرفية التي تسمح، كلها، للتلميذ بالفعل
في محيطه واستعمال المعلومات التي اكتسبها...
ويرى
المعرفيون أن هناك ثلاثة أنواع من المعارف هي:
أولا:
المعارف التقريرية ( مثل القواعد، جدول الضرب، العواصم، الأفعال، المفاعيل، أنواع
الجمل..)، وهي تناسب المعارف النظرية المعترف بها كمعارف في تاريخ شعب ما. وقد
تتكون من الأحداث والقواعد والقوانين والمبادئ.
ثانيا:
المعارف الإجرائية وهي تناسب ماذا نفعل، أي مهارات: كتابة نص موجه لصديق في الصف
الثاني من التعليم الابتدائي، حل مشكلة في الضرب إلخ...
ثالثا:
المعارف الشرطية التي ترتبط بمتى و لماذا. ومن بين الأمثلة على ذلك كتمييز المثلث
عن المربع، التعرف على عاصمة في خارطة، تقدير صحة جواب عن مسألة رياضية إلخ...
والجانب
الثالث الذي اهتم به المعرفيون هو الجانب المتعلق بالميتامعرفي الذي يعنى من بين
ما يعنيه مراقبة الذات لذاتها ومراقبتها لاستراتيجياتها. فالتلميذ وهو في نشاط
ينبغي أن يكون واعيا بمتطلبات المهمة وبالاستراتيجيات التي ستساعده على حلها الحل
المناسب ونوع المعارف التي ينبغي أن يوظفها في مراحل الحل.
خلاصات
أولية
1-
إبداع بيئة انطلاقا من المعارف السابقة.
2-
إبداع بيئة تدور حول استراتيجيات معرفية وميتامعرفية.
3-
إبداع بيئة تدور حول تنظيم المعارف.
4-
إبداع بيئة لمهام كاملة ومعقدة.
5-
إبداع بيئة قهرية.
6-
يتم التعلم عبر بناء تدرجي للمعارف.
7-
يتم التعلم بخلق علاقة بين المعارف السابقة واللاحقة.
8-
يتطلب التعلم تنظيما للمعارف من قبل الذات.
9-
يتم التعلم إنطلاقا من مهام شاملة.
10-
التدخل الدائم للتلميذ.
11-
يهم التقويم المعارف والاستراتيجيات المعرفية و الميتامعرفية.
12-
المتعلم نشيط.
13-
المتعلم يبني معارفه.
عن
جاك تارديف بتصرف
J.Tardif, Pour un enseignement stratégique, l'apport de la psychologie
cognitive logique.1992
نص2:
حسب
الرؤية المعرفية تكون الكفاية حالة، قدرة على الفعل وليست فعلا خاصا. ترتبط هذه
الحالة ببنية معارف مفهومية ومنهجية وكذا باستعدادات وقيم تسمح للشخص بإصدار احكام
أو القيام بحركات متكيفة مع وضعية معقدة ومتنوعة(...) والكفاية هي نتيجة حشد
التلميذ لمعارف إجرائية وشرطية وتقريرية؛ وذلك بغاية الإنجاز الفعال (...).
Roland Louis, l’évaluation des apprentissages en classe : théorie et
pratique, ed, Etudes Vivantes, Montréal, 1999
نص3:
ترى
ساندرا بليي أن المقاربة المعرفية تفترض القدرة على حل المشاكل بشكل ناجع في سياق
معطى. مما يعني أن النجاعة لا وجود لها في ذاتها لكنها تتحدد باشياء أخرى من بينها
السياق.
فما
يهم هنا ليس هو كيف تحل المشاكل. والكفاية ليست هي ما نقوم به لكنها هي كيف نتوصل
إلى القيام بها بشكل مقنع. فهي متقنة خلف الفعل وليست هي الفعل.
وتستخلص
الباحثة أن الكفاية لا وجود لها في ذاتها لأنها متموضعة بالنسبة لمشكل خاص في سياق
نوعي. نحن هنا في وضع بعيد عن السمات الشخصية واتجاهاتها وأكثر قربا من المهارة.
والكفاية هي هذا التوليف الأصيل للكفايات الخاصة.
تحضر
في هذه الكفاية جوانب فكرية لمعالجة المشاكل سواء بشكل واع او غير واع، بشكل مفكر
فيه أو تلقائي أو أوتوماتكي.
عن ساندرا بليي بتصرف
Sandra Bellier, Traité des sciences et des techniques de la formation, sous
la direction de Philippe Carré et Pierre Caspar , Dunod 2004 p 247-250
خلاصات:
أولا: الكفاية هي معالجة المعلومات: حل مشكلات في وضعيات محددة
أو ما يصطلح عليه لدى المعرفيين بتحليل المهام.
ثانيا: الكفاية استراتيجيات معرفية وميتامعرفية: الذات نشيطة، تبني المعارف
وتراكمها، تقيم العلاقة بين المعارف، تحلل، تعيد النظر، تدمج، تصحح، تبدع، تراقب
ذاتها واستراتيجياتها المعرفية ومواردها من أجل الحل (حل مشكلة) والإنجاز في وضعية
محددة.
سادسا: المقاربة بالمعارف للكفايات
نص1:
ترى
ساندرا بليي أن من بين المقاربات المهيمنة في الكفايات هي المقاربة التي تربط بين
الكفايات والمعارف لأن ما يفسر ذلك هو تملك المعارف إلا ان الكفايات قد تكون شيئا
آخر غير المعارف. وهذا الشئ الآخر هو تملك المعارف. فالكفايات بهذا المعنى هي
المعارف التي تكون قيد التنفيذ والقابلة للملاحظة والتقويم.
عن ساندرا بليي بتصرف
Sandra Bellier, Traité des sciences et des techniques de la formation, sous
la direction de Philippe Carré et Pierre Caspar , Dunod 2004 p 239- 240
خلاصات:
أولا: التركيز على محدودية المعارف.
ثانيا: ربط المعارف بوضعية التنفيذ.
ثالثا: تقويم طريقة استعمال المعارف.
سابعا: المقاربة المهارية للكفايات
نص1:
ترى
سانذرا بليي أن للكفاية علاقة مباشرة بالفعل الناجح. فالكفاية هنا هي المهارة الإجرائية
المصادق عليها مما يعني التركيز على البعد التنفيذي؛ المهارة الممارسة المرتبطة
بالنشاط الظاهر للعيان والفعلي. تستضمر الكفاية هنا كونها فابلة للتجريب والقياس
والتحقق منها أو يمكنها ان تكون إعلانا عن نية أو قصد.
عن ساندرا بليي بتصرف
Sandra Bellier, Traité des sciences et des techniques de la formation, sous
la direction de Philippe Carré et Pierre Caspar , Dunod 2004 p 241-243
خلاصات:
أولا: الكفاية هي الفعل الناجح في وضعية ما
ثانيا: تخضع الكفاية للتقويم
ثامنا: مقاربة السلوكات وحسن التواجد
نص1:
تقول
ساندرا بليي بأنه إلى جانب المقاربة المهارية للكفايات هناك من يجعل السلوكات
حاسمة في مقاربته للكفايات. فالسلوكات تتعارض من جهة أولى مع المعارف والمهارات
التي هي مفاهيم أكثر تجريدا، وحيث تطمح لتفسير الأفعال. اما السلوكات فهي الأفعال.
ومن جانب آخر فإن السلوكات تمكننا من التفكير فيما يتملكه الفرد وما يهم اتجاهاته
وما يميزه عن الآخرين. فالسلوكات ترتبط بالشخصية مباشرة.
تستضمر
السلوكات المهارات والمعارف رغم أن هناك مكانا متميزا يظل متروكا للمعادلة الشخصية
التي تسمح باستعمال المعارف والمهارات ولتجعل منها كفاية، وتبين بالتالي لماذا هذا
الشخص أكثر كفاية من غيره.
عن ساندرا بليي بتصرف
Sandra Bellier, Traité des sciences et des techniques de la formation, sous
la direction de Philippe Carré et Pierre Caspar , Dunod 2004 p 243-245
خلاصات:
أولا: التركيز على السمات الشخصية
ثانيا: تكون السمات قارة و مستقلة عن كل سياق
ثالثا: استقلالية السمات الشخصية عن خطابات الذات المتكلمة
