السبت، 22 أبريل 2023

التربية و الرشوة

 


 

الرشــوة

والنظــام التـربــوي

 

ميريال بواسون

 

ترجمة:

مصطفى السعيدي


مقدمة المترجم

تناولت مجموعة من التقارير  الوطنية والدولية مسألة الرشوة وآثارها السلبية على مسار التنمية، كما شغل هذا الموضوع حيزا مهما من كتابات الصحفيين وتدخلات السياسيين. كما  تركز مجموعة من الدراسات العملية على عدد من النقط الضائعة بالنسبة لمستوى النمو بسبب تفشي الفساد.

ففي الوقت الذي أصبحت فيه التنمية الاقتصادية مطلبا شعبيا لا ينفك ينفصل عن باقي المطالب السياسية والاجتماعية، وكذا في ظل تأثير الأزمة العالمية المالية والاقتصادية ونتائجها المباشرة على محدودية الموارد المالية.

و أثبتت مجموعة من التقارير لعدد من المنظمات والجمعيات أن جل القطاعات تتأثر بمسألة الرشوة، وإن بدرجات متفاوتة. ويعد مجال التربية والتكوين أحد القطاعات التي تتأثر بشكل كبير.

بالنسبة لحالة المغرب، أظهرت مجموعة من الدراسات والأبحاث التي تناولت النظام التربوي إلى أن مجال الحكامة والتدبير يعد من بين مواطن الضعف التي تشهد عددا كبيرا من الاختلالات، التي تؤثر سلبا على مستوى مردودية ونجاعة هذه المنظومة، منها ما يرتبط بمسألة الشفافية وآفة الرشوة.

وعليه فإن أحد مداخل إصلاح المنظومة التربوية يكمن في العمل على معالجة هذه الاختلالات، وسيكون من البديهي أن نشير إلى أن من شروط نجاح الإصلاح تأسيسه على دراسات علمية جادة تعمل على تشخيص دقيق للوضعية وتقوم بصياغة إجراءات عملية على أساس تشاركي يعتمد الواقعية ويراعي مستوى الإمكانيات المتوفرة.

ولعل مما يعزز أهمية توجيه البحث العلمي نحو دراسة مسألة الرشوة داخل النظام التربوي: من جهة، ما أشرنا إليه من كون الفساد يعتبر أحد المعيقات الرئيسية لإقرار تنمية حقيقية، حيث يقدر الخبراء بالنسبة لحالة المغرب مثلا أنه يتسبب في ضياع نقطتين من نسبة النمو سنويا، مع ما يترتب عن ذلك من حد لفعالية ونجاعة تدخلات الدولة، خاصة في المجال الاجتماعي.

ومن جهة أخرى، أهمية قطاع التربية والتكوين، حيث أن المستفيدين المباشرين من خدمات النظام التربوي يتجاوز عددهم ربع سكان البلاد، إضافة إلى كون جل الأسر هي معنية بهذه الخدمات. كما أن موظفي وزارة التربية الوطنية سنة 2012 مثلا، شكلوا 33% من مجموع أعداد الموظفين بالمغرب، و37,2% من كتلة الأجور لنفس السنة.

* * *

في إطار دراسة حول «تدبير المنظومة التربوية بالمغرب ومسألة الشفافية»، وأثناء البحث عن المراجع العلمية للموضوع، وقفت على أشغال المعهد الدولي للتخطيط التربوي المندرجة في إطار برنامجه حول «الأخلاقيات والرشوة في التربية»، والمنطلق سنة 2001، وأثار انتباهي: كتيب يحمل عنوان: «الرشوة والنظام التربوي» لكاتبه ميريال بواسون، وهو الذي أشرف على البرنامج السالف الذكر منذ 2002.

وقد بدا لي أن هذا الكتيب يمكن اعتباره مرجعا في هذا الموضوع، وذلك بالنظر إلى طابعه المختصر الذي يعرض لخلاصة مجموعة من الأعمال العلمية في هذا المجال، والتي قد لا يتسنى للجميع الاطلاع عليها، إما بسبب عدم امتلاك الوقت الكافي لذلك كما هو الشأن بالنسبة للمسؤولين وأصحاب القرار في قطاع التعليم، أو لابتعاده عن التخصص العلمي للبعض الآخر.

كما تتمثل أهمية المؤلف أيضا في طابعه الإجرائي وابتعاده عن الإطناب في الجوانب النظرية البحثة، حيث يعمل على عرض مجموعة من الإجراءات التي قد تساعد على تطهير النظام التربوي من آفة الرشوة والحد من نتائجها السلبية، وقد  قام الكاتب بالتأسيس لهذه الإجراءات بناء على مجموعة من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال.

من هذا المنطلق، تبدو الفائدة من وراء ترجمة مضامين هذا الكتيب إلى اللغة العربية، الذي قد يساهم في إطراء النقاش الدائر حول هذا الموضوع: الرشوة والنظام التربوي، وذلك بناء على نتائج عدد من الدراسات العلمية ذات الصلة.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض مضامين هذا الكتيب قد لا تنطبق بشكل تام على النظام التعليمي المغربي على اعتبار أن الكاتب تطرق للمنظومة التربوية بصفة عامة ولم يتناول نموذج دولة معينة، لكن تبقى المبادئ العامة التي أشار إليها صالحة للجميع، مع ضرورة القيام بعمليات تكييف لها مع الواقع المحلي لكل بلد. وإجمالا فإن ما جاء في الصفحات التالية يعتبر أرضية مناسبة من أجل توسيع النقاش حو ل موضوع الرشوة ومسألة تدبير المنظومة التربوية بصفة عامة.

أخيرا، نشير إلى أن هذا الكتيب هو العدد الحادي عشر من «سلسلة سياسات التعليم»، وهو إصدار مشترك لكل من الأكاديمية الدولية للتعليم (بروكسيل – بلجيكا) والمعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لمنظمة اليونسكو (باريس – فرنسا)، وقد صدرت النسخة الانجليزية سنة 2010، في حين أن النسخة الفرنسية التي اعتمدناها في الترجمة التي بين أيدينا، فقد صدرت بباريس سنة 2011.


 

مقدمة

نتناول في هذا الكتيب مسألة الرشوة داخل النظام التربوي: ما مفهومها؟ وكيف يمكن قياس آثار الفساد داخل هذا القطاع؟ ثم كيف يمكن تطوير وتحسين الشفافية والمساءلة في شتى مجالات التخطيط التربوي والتدبير من تمويل، وإسناد الصفقات العمومية، وتدبير الموارد البشرية، وتدبير الامتحانات؟

نحاول من خلال هذا المؤلف الإجابة عن هذه التساؤلات من أجل مساعدة الدول على تطوير استراتيجيات ملائمة من أجل الكشف عن ممارسات الفساد والرشوة وضبطها والعمل على التخفيف منها، وبالتالي المساهمة في جعل النظام التربوي أكثر فاعلية وأكثر عدالة.

ضمن هذا المؤلف أيضا، نتعرف على عدد من العوامل التي جعلت من الرشوة أحد المواضيع ذات الأولوية خلال العشرية الأخيرة: حيث نشير بصفة خاصة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية والبحوث العلمية ذات الصلة، كما نعرض عددا من الاشكاليات الحقيقة التي تواجه النظام التربوي، كمسألة لامركزية تدبير قطاع التعليم والتدبير المالي على الخصوص، والمنافسة المتنامية بين الطلبة والتلاميذ وكذا بين المؤسسات التعليمية، وفورة التقنيات التكنولوجية.

ثم نقوم بعرض ودراسة عدد من الأدوات العلمية لتقييم الرشوة داخل النظام التربوي، كبحوث تتبع النفقات العمومية، والدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة، وخريطة التقييم المواطنة. حيث نعرِّف عددا من المستلزمات الضرورية لنجاح استعمال هذه الأدوات، خاصة ضرورة القيام بعمليات النشر الواسعة لنتائجها. كما نشير أيضا إلى أن هذه التقديرات عادة ما تهمل جوانب أساسية كتأثير الرشوة على انتشار مجموعة من السلوكيات السلبية، وكذا على منظومة القيم بصفة عامة.

نظهر في هذا الكتيب أيضا أن تطوير وتحسين الشفافية والمساءلة داخل قطاع التربية يستلزم العمل وفق استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور أساسية: تطوير معايير وأنظمة شفافة للتقنين والتنظيم ، وتعزيز القدرات التدبيرية، وكذا تشجيع تمكن أكبر، من طرف المستفيدين من الخدمات العمومية، من مساطر  التدبير الإداري والمالي. وندعِّم عرض كل محور من هذه المحاور بأمثلة من مجموعة من التجارب الدولية الناجحة.

لنخلص في النهاية إلى ضرورة إحداث تغيير في السلوكيات: حيث نوصي على الخصوص بضرورة تبني ميثاق شرف مهني أو مدونات للسلوك خاصة بالمدرسين، وكذا تعزيز القدرات المؤسساتية في مجموعة من المجالات الحيوية في التدبير كالمحاسبة والافتحاص، وكذا تعزيز حق العموم في الوصول إلى المعلومة، وكذا التعبير عن إرادة سياسية حقيقية على صعيد مختلف مستويات النظام التربوي من أجل الانخراط في عملية التغيير هذه.


 

 

الفصل الأول:

 الرشوة داخل النظام التربوي: لماذا الآن؟

 

 

 

 

أثارت مجموعة من الاتفاقيات الدولية الاهتمام بهذه الظاهرة ونتائجها على النظام التربوي. كما أبانت دراسات وبحوث جديدة أن الرشوة يمكن أن تظهر عند مستويات مختلفة للمنظومة التربوية.


 



تواجه مختلف الفاعلين في النظام التربوي، انطلاقا من المستوى المركزي ووصولا إلى المؤسسة التعليمية، في لحظة أو أخرى، تواجههم إحدى مظاهر الرشوة. ورغم أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، إلا أنها لم تحظى باهتمام البحث العلمي إلا خلال العشرية الأخيرة.

يمكن تفسير هذه الوضعية بعدة أسباب: فمن جهة، لم تظهر مسألة الرشوة نفسها في الأجندة الدولية إلا مؤخرا، أي سنة 1999 حيث تم تبني اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ضد الرشوة لدى الموظفين الأجانب في التحويلات المالية الدولية، وكذا اتفاقية الأمم المتحدة ضد الرشوة سنة 2003. ومن جهة أخرى فإن الفاعلين في الحقل التربوي أبدوا تحفظا تجاه تناول هذا الموضوع، خوفا من تشويه صورة القطاع مع ما قد يترتب على ذلك من تقليص الاعتمادات المالية المخصصة له.

خلال العشرية الأخيرة أيضا، ظهرت دراسات عديدة لظاهرة الرشوة في النظام التربوي أجريت من قبل البنك الدولي والمعهد الدولي للتخطيط التربوي ومنظمة الشفافية الدولية ومؤسسة سوروس وعدد من الجامعات. وقد اعتمدت هذه الدراسات على المنهجية المستعملة في التحليل العام للرشوة بالقطاع العام، وتبنت التعريف المتداول للرشوة باعتبارها: «استعمالا لموارد عمومية لأغراض شخصية وخاصة».

وهكذا تطرقت العديد من الدراسات لعمليات كبرى للرشوة، تورط فيها مسؤولون من مستويات عليا وبمبالغ مرتفعة، كالاستيلاء على موارد مالية مهمة لمشاريع عمومية كبناء المدراس مثلا. في حين أن دراسات أخرى اهتمت بمظاهر الرشوة الصغيرة التي يمارسها فاعلون في القطاع العام بمختلف مستويات النظام التربوي وبمبالغ صغيرة تستخلص في بعض الأحيان بطريقة «شبه مقننة» كاستخلاص مصاريف تسجيل غير شرعية من طرف بعض المؤسسات التعليمية.

إن الاهتمام المتزايد الذي حظيت به منذ حين ظاهرة الرشوة بالنظام التربوي، يمكن تفسيره بالتحديات الجديدة التي باتت تواجه هذا النظام:

-          كالارتفاع المتزايد للموارد المخصصة للتعليم (خاصة مع اعتماد مبادرة المسار السريع لبرنامج التربية للجميع)،

-          وإعادة النظر في أشكال الدعم (مع تبني المقاربة القطاعية SWAp

-          ولامركزية آليات تمويل وتدبير المنظومة التربوية،

-          والمنافسة التي باتت أكثر شراسة بين التلاميذ وكذا بين المؤسسات التعليمية،

-          واستعمال التقنيات الحديثة، وانتشار أنواع جديدة للتعليم (خاصة التعليم عن بعد)،

-          وكذا تطور التكوينات العابرة للحدود.

 كل هذه الظواهر تشكل فرصة سانحة للنظام التربوي من أجل التحديث والتطور، لكن يمكن أيضا أن تخلق فرص جديدة سانحة لظهور أشكال من الرشوة ومن الخروقات على نطاق أوسع.

 

الفصل الثاني:

كلفة الرشوة داخل النظام التربوي

 

إن كلفة الرشوة تختلف من قطاع لآخر، ومن بلد لآخر. ومن الصعب تقدير هذه الكلفة بدقة داخل النظام التربوي.


 



 شكلت كلفة الرشوة موضوع عدد من الدراسات والأبحاث: فالبنك الدولي يقدرها بواحد ترليون دولار سنويا بالنسبة لنظام اقتصادي عالمي يقدر بثلاثين ترليون دولار.[1] وحسب الاتحاد الافريقي فإن الرشوة المباشرة وغير المباشرة تكلف إفريقيا 25% من ناتجها الداخلي الخام.[2]

على المستوى الوطني للدول، تشكل الرشوة عبئا اقتصاديا كبيرا: إذ تقدر في المكسيك بحوالي 15% من الناتج الوطني الخام، أما في غينيا فتبلغ التقديرات حوالي 500 مليون فرنك غيني.[3]

هذا في الوقت الذي يتم فيه تسجل تباين كبير بين بلدان العالم على مستوى نطاق انتشار الرشوة وتمظهراتها وكذا كلفتها. فقد أظهرت دراسات أنجزها البنك الدولي أن الدول الصناعية تكون في المتوسط أقل عرضة للرشوة من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة. دون أن ننسى الإشارة إلى بعض الاستثناءات، إذ أن كلا من بوتسوانا وشيلي وسلوفينيا على سبيل المثال، تسجل مؤشرات لمستوى الرشوة أقل من بعض دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.[4]

من المهم بالنسبة للمسؤولين وأصحاب القرار السياسي التعرف على ممارسات الرشوة الأكثر كلفة من أجل استهدافها باعتبارها أولوية، لكن للأسف، لم تنجز إلا دراسات علمية قليلة للمقارنة بين كلفة الرشوة في المنظومة التربوية وكلفتها في القطاعات الأخرى.

ويبقى البارومتر الدولي للرشوة الذي أنجزته منظمة الشفافية الدولية الوحيد الذي يُمكِّن من مقارنة مستوى الظاهرة في أزيد من عشر قطاعات عمومية: حيث يتم تحديد عدد عمليات الرشوة الملاحظة بفضل تصريحات أفراد عينة ممثلة. فحسب الأرقام التي تم نشرها في هذا الإطار سنة 2007 والتي تهم 60 دولة، تعتبر المنظومة التربوية من بين القطاعات التي تشهد مستويات أقل من الرشوة، في حين أن الشرطة والهيآت القضائية والأجهزة المكلفة بإصدار التراخيص تعد عموما أكثر القطاعات التي تعرف انتشارا كبيرا للرشوة.[5]

ويبدو أنه من الصعب إنجاز تقدير دقيق لكلفة الرشوة داخل قطاع التربية، حيث تقف التقديرات المنجزة في هذا الإطار عند المبالغ المالية أو الموارد العينية (كتب مدرسية، تجهيزات، وجبات مدرسية...) التي يتم تحويلها والاستيلاء عليها لأغراض شخصية، وعلى صعيد مستويات متعددة للنظام التربوي.[6]  

في هذا الإطار، يمكن لبحوث تتبع النفقات العمومية (ESDP) أن تعطي مؤشرات دالة ومهمة في هذا المجال، وذلك بحساب نسبة هدر الموارد التي تتم أثناء انتقالها من المستوى المركزي إلى المؤسسات التعليمية.[7] نفس الأمر بالنسبة للدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة (EQPS) التي يمكن مثلا أن تقدم معطيات عن عدد الأساتذة الأشباح أو المتغيبين عن العمل.[8]

 في المقابل لا يمكن لهذه التحريات أن تعطي تقديرات عامة عن الكلفة الاجمالية الناجمة عن تفشي هذه الظاهرة. هذا بالإضافة إلى أن حصر تقدير الكلفة في بعدها المالي فقط يؤدي إلى تغييب انعكاسات الرشوة على نجاعة المنطومة التربوية وفعاليتها، وكذا أثرها المباشر على الفئات الأكثر فقرا.[9] كما أنه يتم تغييب الأثر السلبي للرشوة على مسألة انتقال القيم الأساسية كمفهوم المواطنة والعدالة مثلا.

 

الفصل الثالث:

تشخيص الرشوة داخل المنظومة التربوية

لقياس الرشوة داخل قطاع التربية، يتم عموما استعمال ثلاث أدوات علمية في جمع المعطيات: بحوث تتبع النفقات العمومية (ESDP)، والدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة  (EQPS)، وخرائط تقييم المواطن.


 



يتوفر للمسؤولين عدد من الأدوات العلمية لقياس بعض ممارسات الرشوة داخل المنظومة التربوية، من بينها: الافتحاصات (في مجال المالية، وتدبير الموارد البشرية، والصفقات العمومية...)، وبحوث تتبع النفقات العمومية، والدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة، وخرائط تقييم المواطن، وكذا الدراسات الاستقصائية حول الانطباعات.

وفيما يلي نتعرض بالتفصيل لثلاثة منها:

بحوث تتبع النفقات العمومية (ESDP)

تهدف هذه البحوث إلى تحديد مسار التحويلات المالية (خاصة تلك الخارجة عن أجور الموظفين) انطلاقا من المستوى المركزي وإلى غاية وصولها إلى المؤسسة التعليمية.[10]  مما يمكِّن من حساب نسبة الهدر الملاحظ على مستوى هذه التحويلات، والتي بلغت مثلا 87% بالنسبة للدعم المالي المقدم للمدارس في أوغاندا سنة 1995،[11] و 49% بالنسبة للمخصصات المالية (دون احتساب أجور الموظفين) لمؤسسات التعليم الابتدائي في غانا سنة 1998.[12]

إن تحليل هذه النتائج يبين أن هدر الموارد هذا يمكن إرجاعه إلى عدة عوامل، منها: حجم المدرسة، وموقعها، ومستوى فقر التلاميذ الممدرسين بها، وكذا مستوى القدرات المهنية للمدرسين ... فمثلا في أوغندا ترتفع نسبة هدر الموارد في المدارس الصغرى التي تتوفر على موظفين بكفاءات متواضعة وغير قادرين على مطالبة السلطات بالمخصصات المالية الخاصة بالمؤسسة.[13]

يظهر أيضا من خلال تحليل نتائج بحوث تتبع النفقات العمومية أن هدر الموارد يرتبط كذلك بأشكال التمويل وطُرقه، فمثلا أبانت الدراسة التي أنجزت في زامبيا أن نسبة الهدر تصل إلى 10% بالنسبة للمؤسسات الابتدائية التي تستفذ من اعتمادات جزافية (600 دولار أمريكي بغض النظر عن حجم المؤسسة) في مقابل هدر يصل إلى 76% من الدعم التفضيلي المقدم من طرف السلطات المحلية لنفس المؤسسات، وذلك سنة 2001.[14]

الدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة (EQPS)

من خلال هذه الدراسات، يتم جمع معطيات كمية عن نجاعة الاستثمارات العمومية، وحول مختلف أشكال الخدمات المقدمة من طرف البنيات الإدارية الموجودة في الواجهة (والمتمثلة عموما في المدرسة بالنسبة للنظام التربوي).

كما تستعمل هذه البحوث أيضا من أجل قياس نسبة التغيبات أو نسبة الأساتذة الأشباح الواردة أسماؤهم في لوائح الموظفين النشيطين. ويمكن في بعض الحالات أن تكون عبارة عن عمليات تفتيش مفاجئة تهم عينة ممثلة من المؤسسات التعليمية. فقد مكنت مثلا، نتائج هذه الدراسات الاستقصائية من تقدير نسبة التغيبات بالإيكوادور ب16% من مجموع الأساتذة،[15] وكذا من تحديد نسبة المدرسين الأشباح التي بلغت 15% في بابوا - غينيا الجديدة.[16]

كما أن العمل على جمع مجموعة من المعطيات الإضافية بالمؤسسات التعليمية يمكِن أن يعطي مؤشرات مفيدة حول العلاقة بين الممارسات المرتبطة بالرشوة والعوامل المتعلقة بالسياق العام، كعلاقة نسبة التغيبات مثلا بالسن والجنس والقانون وظروف المدرسين. وقد أظهر تحليل الانحدار لنتائج الدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة التي أجريت بخمس دول مختلفة (البنغلاديش، الإكوادور، الهند، إندونيسيا والبيرو) أن تغيب الأساتذة يرتبط إيجابيا بسنهم وأقدميهم ومؤهلاتهم.[17]

خريطة التقييم المواطنة

تمكن خريطة التقييم المواطنة من الحصول على معطيات تتعلق بتصور المرتفقين حول جودة وفعالية الخدمة العمومية. وتمكن هذه المقاربة من تعبئة وحشد المجتمعات المحلية في إطار سيرورة تشاركية، عن طريق سؤالهم حول نقط محددة كدفع مصاريف غير قانونية للتمدرس مثلا.

ويتم جمع المعطيات بالاعتماد على استمارات موجهة إلى عدد من الموظفين والمدرسين والتلاميذ والآباء الذين يتم انتقاءهم بطريقة عشوائية ضمن عينة من المؤسسات التعليمية. وقد تكون النتائج «ذاتية» (على اعتبار اعتمادها على آراء المستجوبين)، كما تكون «موضوعية» (بارتكازها على تجاربهم الشخصية ووقائع محددة).

في حالة البنغلاديش، أظهرت خريطة تقييم مواطنة أنه كان لزاما على أزيد من 96% من التلاميذ دفع مصاريف غير قانونية من أجل التمكن من اجتياز امتحانات نهاية الدورة الأولى، وأن قيمة المبالغ الاجمالية التي أداها الآباء على صعيد المقاطعات الثمانية للبلاد بلغت 20 مليون  تاكا بنغلاديشية.[18]

وقد أدت سهولة إنجاز مثل هذه البحوث في مختلف الأوساط إلى توجه العديد من المانحين والمنظمات إلى تمويل إجرائها (البنك الدولي، صندوق الكومونولث للتربية، مؤسسة هيوليت).

وتبين دراسات مقارنة لمختلف نتائج هذه البحوث والدراسات وأشكال إجرائها (كوتييه، 2006 – حلاق وبواسون، 2007) أن نجاحها يرتبط بمجموعة من الشروط التي يمكن إجمالها فيما يلي:

·        انخراط السلطات المحلية في مختلف مراحل إنجاز البحث (حتى وإن تكلفت جهات محايدة بتجميع وتحليل المعطيات)؛

·        توفر إرادتها الفعلية لاعتماد نتائج البحث، مثلا عن طريق القيام بـ»تنقية» لوائح المدرسين من الأشباح؛

·        القيام بعمليات نشر واسعة لنتائجها؛

·        إدماج هذه الوسائل الجديدة ضمن آليات التشخيص المعتمدة من قبل الفاعلين العموميين (ضمن عمليات التقييم، الافتحاص ...).


 

الفصل الرابع:

شفافية المعايير والمساطر

يكمن التقليص من الرشوة إذا توفرت الشفافية في معايير ومساطر تدبير الموارد المالية والبشرية والمادية، وكانت مفهومة من طرف مختلف الشركاء والمتدخلين.


 



أظهر شابمان (2002) أن أغلب الممارسات المرتبطة بالرشوة تتم في إطار «خرق للقواعد»، غير أنها تتم  في بعض الحالات في إطار «احترام للمساطر» (مثلا يتم تقديم الرشوة من أجل الحصول على وثائق إدارية في وقت أسرع). ومما يشجع على ظهور النوع الأول من الممارسات هو وجود مساطر مبهمة أو ناقصة أو شديدة التعقيد، أو تلك التي تؤدي إلى خلق حالة من «تضارب للمصالح».

كما أوضح كل من ليفاتشيت وداونيز (2004) خلال دراستهما المقارنة لمختلف نماذج أشكال منح الدعم للمؤسسات التعليمية أن الصيغ غير الواضحة، أو تلك التي تعطي إشارات سلبية للمعنيين بتنفيذها، أو التي تكون غير  مفهومة بالنسبة للعموم،  يمكن أن تساهم في ظهور ممارسات احتيالية ينحصر رصدها على بعض المتخصصين فقط، الذين يمكنهم التأكد من أن  الأموال المخصصة قد وصلت بطرقها الصحيحة.

وفي هذا الإطار قدم الباحثان مثال الدعم في ولاية فيكتوريا (أستراليا) الذي يشمل ثلاثة محاور هي: تمويل النشاطات الأساسية، والتمويل المرتبط بالحاجيات، وكذا البرامج ذات الأولوية. وحسب ليفاتشيت وداونيز فإنه «تقنيا، تتوفر، لمن يريدها، المعطيات المتعلقة بتخويل الموارد لكل مؤسسة تعليمية  (...) إلا أن التعقيدات الحالية للحصول عليها تمثل عقبة أساسية أمام الشفافية»

من أجل تطوير الشفافية، يجب لزاما على أصحاب القرار السياسي إعادة النظر في مختلف المعايير المطبقة في مسألة التدبير المالي وتدبير الموارد البشرية والمادية: في هذا الإطار قررت مدينة بوكوتا بكولومبيا توضيح معايير التوظيف والتعيين والتنقيل، وجعلتها معروفة لدى العموم؛ وبفضل الرفع من الفعالية والنجاعة، فقد تمكنت من الرفع من أعداد التلاميذ بأزيد من الثلث مع توظيف لعدد أقل من المدرسين الإضافيين[19].

كما قامت مملكة ليسوتو بتحديد معايير خاصة للبناءات، والتي على أساسها يجب تقييم جميع الإنشاءات المدرسية من أجل ضمان جودتها. ومن أجل السهر على تنفيذ هذه المعايير، قام البلد بالاعتماد على فرق لتفتيش هذه المشاريع بدعم من المجتمعات المحلية المستفيدة.[20]

في هذا الإطار، فإن أحد التحديات الكبرى التي يجب على المسؤولين رفعا هي إيجاد التوازن بين إقرار معايير ومساطر أكثر بساطة وأكثر شفافية وبين هاجس إحداث التوازن من خلال توجيه الموارد بشكل أولوي نحو  الأفراد والمؤسسات المحتاجة إليها بشدة.

وهكذا فقد أظهرت دراسة أنجزت في زامبيا أن الاعتمادات الجزافية تصل إلى المدارس بنسبة أكثر من الاعتمادات  التمييزية المخصصة من طرف المسؤولين المحليين (90% في مقابل 20%)[21]. كما أظهرت، اعتمادا على تحليل الانحدار لنتائج البحث، أن الاعتمادات الجزافية كانت دائما أكثر تطورا وأكثر فائدة بالنسبة للمدارس الفقيرة، في حين تميزت الاعتمادات التمييزية بالتراجع بالنسبة لجميع المؤسسات التعليمية المنتمية إلى عينة البحث.[22]

يظهر من هذا المثال أنه عندما يكون احتمال ظهور الرشوة مرتفعا وتكون القدرات التدبيرية محدودة فإن اعتماد نظام للدعم المباشر للمؤسسات يتميز بالبساطة في الإجراءات وكذا بوجود عدد قليل من الوسطاء، سيساعد على الحد من ظهور عدد من الخروقات.

إجمالا، في ظل هشاشة القدرات التدبيرية والوظيفية، يصبح من الواجب على المسؤولين:

·        تبسيط وتوضيح المعايير المعتمدة في توزيع الموارد، خاصة في المجالات الأكثر عرضة للرشوة.

·        المحافظة على هاجس تحقيق التوازن، حتى لو أدى ذلك إلى التعقيد التدريجي للمساطر مع العمل على تعزيز قدرات الفاعلين المكلفين بأجرأتها.

·        جعل هذه المعايير علنية ونشرها على أوسع نطاق.

·        إيجاد الوسائل الكفيلة باحترام هذه المعايير.

 


 

 


تدعيم القدرات واعتماد التدبير المعلوماتي

 

يمكن لمسألة لامركزية القرار  الإداري والمالي أن يجعل مسألة تتبع التدفقات المالية أكثر تعقيدا، في المقابل فإن وجود مستوى عال للشفافية، واعتماد نظام معلوماتي للتعاملات الإدارية والمالية  ضروري من أجل الحد من الرشوة داخل النظام التربوي.


 



يعد النقاش حول الآثار الإيجابية أو السلبية للامركزية حول مسألة تفشي الرشوة بعيدا عن الحسم،[23] لكن يكمن الجزم أن الأمر مرتبط أساسا بسياق وشروط اعتماد اللامركزية هذه.

فالرشوة تنتعش عندما لا يتم، على المستوى المحلي، اعتماد قواعد ومساطر جديدة للتدبير تتميز بالوضوح والبساطة، أو في ظل عدم القيام بتكوين الموظفين المحليين ورؤساء المؤسسات التعليمية حول المهام الجديدة المنوطة بهم، أو عندما لا تتم مواكبة نقل الصلاحيات نحو المستويات المحلية بنظام ملائم للمراقبة، أو أن المستوى المتدني للوعي لدى الساكنةَ المحلية لا يمكِّنها من ممارسة دورها الأساسي في الرقابة على الموارد المادية والمالية وتدبيرها.

عموما فإن اللامركزية تؤدي إلى تعقيد عملية تتبع التدفقات المالية : حيث يؤدي المزج بين السلطة التقديرية للمسؤولين المحليين وكذا الحركية المستمرة على مستوى الميزانية إلى محاولات لطمس وضوح مساطر التدبير المعتمدة.

ومن الإجراءات الأساسية التي تساعد على الحد من الرشوة: تعزيز قدرات المؤسسات والأفراد في مجالات المحاسبة، والتدبير المالي، وتتبع نفقات التعليم، والانتاجية والمردودية، ونشر وتفسير المعطيات، وآليات المراقبة والافتحاص، ومساطر تمرير الصفقات العمومية، واستعمال التكنولوجيات الحديثة في مجال التدبير.

ولا يعني تدعيم هذه القدرات إرساء التكوينات المناسبة فقط، بل يجب أيضا تطوير الأدوات المناسبة لذلك: فمثلا يمكن إنتاج مجموعة من الدلائل لفائدة رؤساء المؤسسات التعليمية حول قواعد التدبير المالي التي يمكن أن تساعد المدارس على صياغة برامج عملها في مجال الانفاق، والتي ستسهل عملية المراقبة من قبل مجالس تدبير هذه المؤسسات.

وقد تطرق ليفاتشيت وداونيز (2004) لتجربة إنجلترا، حيث أشارا إلى أنه انطلاقا من سنة 1990، أصبح لزاما على جميع رؤساء المؤسسات التعليمية الجدد متابعة تكوين أساسي في مجال التدبير المالي. أما في البرازيل، بولاية ريو غراندي دو سول، فتقوم السلطات المركزية بإنتاج وتوزيع دليل حول الاستقلال المالي يضم التشريعات القائمة وطرائق التمويل المتبعة إضافة إلى  مجموعة من التوجيهات في مجال التدبير.

وقد أظهرت مجموعة أخرى من الدراسات والأبحاث شملت مختلف مجالات التدبير أهمية وجود قدر أكبر من الشفافية، واعتماد تدبير آلي ومعلوماتي للمساطر، في الحد من الرشوة في ميدان التربية.

وقد تمكنت الشيلي، بفضل تطويرها لنموذج للبرمجة الخطية، من اختيار المشاركين في البرنامج الوطني للإطعام المدرسي بطريقة شفافة ومحايدة اعتمادا على لائحة طويلة من المعايير: كمطابقة الوجبات المقترحة لحاجيات غذائية معينة، والحاجيات من البنية التحتية (الأثاث، التجهيز، أدوات المطبخ، أواني ...)، إضافة إلى عمليات المناولة والتسليم والإشراف.[24]

أما في لبنان، فقد مكن اعتماد نظام التدبير الآلي والمعلوماتي للامتحانات، بما في ذلك اختيار الاختبارات، وانتقاء المكلفين بالتنظيم، وتوزيع المترشحين حسب الحجرات، وتنقيط الاختبارات، وكذا معالجة النتائج ونشرها، مكن من التعرف بسهولة على مختلف الخروقات وكذا زجرها.[25]

وخلاصة القول، فإن التقليل من ممارسات الرشوة المرتبطة بالجهل بالمساطر والقواعد أو بضعف الكفاءات، خاصة في ظل اعتماد اللامركزية واستقلالية المؤسسات التعليمية، يتطلب:

·        إيلاء أهمية أكبر، خاصة من قبل المسؤولين، لمسألة تدعيم القدرات التدبيرية لمختلف الفاعلين في النظام؛

·        وضع أدوات عملية رهن الإشارة، كالدلائل مثلا، من أجل تسهيل عملية احترام المساطر؛

·        تحسين الاعتماد والمعالجة الآلية والمعلوماتية لأنظمة المعلومات والتدبير، من أجل التقليل من التدخل البشري في السير العادي للمنظومة التربوية.


 

 

الفصل السادس:

اعتماد مساطر خارجية للتدبير والمراقبة

 

إن إسناد بعض مهام التدبير أو المراقبة لجهات خارجية، «كالافتحاص الخارجي» مثلا، يمكن أن يوفر للهيئات والمؤسسات معلومات إضافية مهمة يمكن أن تساهم في محاربة الرشوة.


 



الرشوة هي قضية أفراد، لكن يمكن أن يكون انتشارها بشكل واسع راجع إلى النظام المؤسساتي نفسه. إذ يكمن أن تظهر حالات من «تضارب للمصالح» في مجال التمويل بفعل الطرق المعتمدة في إسناد الاعتمادات المالية، فمثلا يكمن في بعض الحالات أن تكون المدارس هي المسؤولة عن إنتاج المعطيات الإحصائية التي على أساسها سيتم حساب نصيبها من الميزانية مما قد يدفع بعض المؤسسات إلى تزوير هذه المعطيات بتضخيم أعداد التلاميذ من أجل الحصول على اعتمادات إضافية.[26]

كما أن هناك العديد من ممارسات الرشوة، سواء في شكليها السالب أو الموجب، المرتبطة بتنظيم الامتحانات والمباريات أو القبول بالجامعات أو إصدار التراخيص و اعتماد مؤسسات التعليم العالي تكون راجعة أساسا إلى احتكار هذه السلطة في هذه المجالات من قبل الإدارة.[27]

وهناك أيضا عدد من الممارسات التي قد تؤثر على الطابع الموضوعي لعمليات التقويم والمراقبة التي يفترض أن تضع حدا للرشوة، وذلك عندما تكون الهيئات المكلفة بهذه العمليات مرتبطة بشكل مباشر  وعضوي بالإدارات موضوع المراقبة، في هذا الإطار، أظهرت دراسة حول الافتحاص أنه في إحدى الجامعات السلوفاكية لم تظهر عملية افتحاص داخلي أي إخلال بقواعد تمرير الصفقات العمومية، في حين أن عملية افتحاص خارجي وقفت على ثـمانية أخطاء.[28]

يعتبر التحدي كبيرا بالنسبة للمسؤولين العموميين: فمجموعة من المهام التي تدخل في إطار اختصاصاتهم، ستتحسن كثيرا إذا تم إسنادها لجهات خارجية، ذاتية التسيير، ومشهود لها بالحيادية والاستقلالية.

وقد أظهر كل من ليفاتشيت وداونيز (2004) بأن شفافية التدبير المالي للمؤسسات التعلمية يكون، في صيغ معينة، مرتبطا بشكل مباشر  بإمكانية جمع المعطيات الإحصائية  بشكل مستقل عن المؤسسة التعليمية؛ في ولاية فيكتوريا بأستراليا مثلا، يتم تجميع المعطيات المرتبطة بأعداد التلاميذ أربع مرات في السنة، من بينها واحدة تتم من قبل جهة خارجية مستقلة.

من جهة أخرى، أكدت دراسة لكل من دروموند ودي  يونغ (2003)، بالاعتماد على حالة قيرغيزستان، على ضرورة مناولة عملية انتقاء التلاميذ إلى جهات خارجية من أجل الحد من الخروقات المرتبطة بهذا المجال، حيث تم إنشاء هيئة مستقلة  مكلفة بإجراء مباريات الولوج إلى المؤسسات الجامعية.

وفي نفس الإطار ، تؤكد الجمعية الأوربية لضمان جودة التعليم العالي (ENQA) على ضرورة إحداث أجهزة مختصة مستقلة مكلفة بمنح التراخيص لمؤسسات التعليم العالي، على أن يتم ضمان تمثيل جميع الجهات المعنية بالموضوع ضمنها.

لكن مسألة تفويض بعض عمليات التدبير والمراقبة لبنيات خارجية تطرح مجموعة من المشاكل : فالإدارة تطرح في بعض الأحيان مسألة شرعية هذه العمليات، على اعتبار أن الهيئات الخارجية تتطاول على اختصاصاتها ومسؤولياتها، كما يُطرح أيضا مسألة الكلفة المادية لهذا الإجراء.

من أجل تجاوز هذه الإشكالات، حاولت مجموعة من الدراسات التركيز على أهمية المزاوجة بين المقاربة الداخلية والخارجية، إذ «يجب على الإدارة أن تكون على وعي بأهمية اللجوء إلى الافتحاص الداخلي وكذا اعتماد افتحاص خارجي، لأنها في الأصل عمليات متكاملة وليست متضادة. علما أن اللجوء المنتظم للافتحاص الداخلي يعد ضروريا من أجل التمكن من التدخل في الوقت المناسب ضد أي خروقات ممكنة الحدوث».[29] 

في المقابل يجب العمل على التقليص التدريجي من التدخل الخارجي لصالح تطوير ثقافة حقيقة للنزاهة والتقويم داخل نفس الإدارة، فمثلا بدولة ليتوانيا، وبالموازاة مع وضع نظام فعال للافتحاص الداخلي والخارجي، تم إرساء آليات للتقييم الذاتي من طرف الفاعلين أنفسهم في النظام التربوي.[30]

إجمالا، فإن اعتماد تفويت بعض عمليات التدبير أو المراقبة لجهات خارجية يمكن أن يساعد على الحد من الرشوة شريطة أخذ النقط التالية بعين الاعتبار:

·        اعتبار تفويت تدبير بعض العمليات الأساسية كتجميع المعطيات الاحصائية وتنظيم الامتحانات والمباريات إلى جهات خارجية، ولو لفترة محدودة، ضروري من أجل تجاوز مسألة «تضارب المصالح».

·        التأكد من تكامل أهداف ووظائف الهيئات المكلفة بالمراقبة والافتحاص الداخلية والخارجية  وعدم تضاربها.

·        تشجيع ونشر ثقافة التقييم والمراقبة لتشمل جميع مستويات الإدارة.

 

الفصل السابع:

ميثاق الشرف المهني للمدرسين

 

 

 

 

 

 

تعتبر مواثيق الشرف المهني للمدرسين آلية فعالة للحد من الرشوة داخل المنظومة التربوية.  لكن نجاعتها مرتبطة أساسا بالميكانيزمات المتبعة من أجل بلورتها وكذا آليات تتبع ومراقبة عملية أجرأتها.

 


 



منذ مدة طويلة، تتوفر عدة مهن كالطب والمحاماة على مواثيق شرف مهني أو أخلاقي، لكن الاهتمام الحديث العهد بمحاربة الخروقات والحد من الرشوة دفعت أصنافا مهنية أخرى (خاصة بالقطاع العام على المستويات الوطنية والدولية) إلى العمل على صياغة مواثيق وقواعد خاصة بها.

وهكذا عرف قطاع التربية ظهور مواثيق الشرف المهني والأخلاقي هذه، خاصة بالتعليم العالي، وذلك بهدف الحد أساسا من الغش على المستوى الأكاديمي. وفي كثير من الحالات، أخذت هذه المواثيق (وتسمى أيضا مدونات السلوك الخاصة بالمدرسين) محل النصوص التقليدية المنظمة لمهنة التدريس.

من جهتها، فإن «الدولية للتعليم» ، وهي اتحاد عالمي لنقابات التعليم، قررت دعم هذه الحركية بتبني إعلان عالمي حول أخلاقيات المهنة سنة 2011،[31] ومنذ ذلك الحين، حاولت مجموعة من الدول صياغة وتبني مواثيق شرف مماثلة، سواء ما تعلق منها بالممارسات المهنية (الكفاءة، الانتظام في الحضور، ...)، أو ما يرتبط بالعلاقة مع الإدارة والزملاء والتلاميذ ومع المجتمع بشكل أوسع (الحياد والموضوعية، عدم التمييز، ...).

من خلال دراسة مقارنة أجريت بكل من البنغلاديش والهند والنبال،[32] تبين أن نجاعة مثل مواثيق الشرف هذه تتأثر بمجموعة من العوامل: إذ غالبا مع يهيمن عليها الطابع النظري، وكذا ضعف وضوحها، وعدم تبني المدرسين لها، وعدم نشرها بشكل واسع، وغياب أو ضعف آليات تتبع ومراقبة أجرأتها، وغياب إجراءات زجرية عند عدم الالتزام بها.

في المقابل يكمن الإشارة إلى مجموعة من التجارب الرائدة في هذا المجال كتجربة أونطاريو بكندا؛ فقد أظهر بواسون (2009) أن نجاح ميثاق شرف ما، يرتبط أساسا بتبني المدرسين له؛ واستعرض عددا من الآليات التي تساعد على عملية التبني هذه، ومن بينها:  أن يساهم المدرسون في عملية صياغة هذه المواثيق وفق مقاربة تشاركية، وكذا إنجاز تشخيص مشترك للاختلالات التي تواجههم على مستوى الأخلاقيات، إضافة إلى العمل على إنشاء آليات للمراجعة المنتظمة  لبنود الميثاق هذا، وكذا المصادقة عليه من طرف الهيئات التي تمثل المدرسين، والنشر الواسع له باستعمال مختلف الطرق (ومن بينها إدماجه في مضامين التكوين الأساسي والمستمر للمدرسين)، وكذا وضع نظام مناسب لتتبع وتقييم مدى الالتزام به، ثم القيام بإعلان ونشر مختلف الإجراءات الزجرية المتخذة في حق المخالفين في هذا الإطار.

إضافة إلى ما سبق، فإن نجاح أي ميثاق اخلاقي يرتبط أساسا بتطوير آليات مناسبة للتتبع والمراقبة، وهو ما أثبتته دراسة مقارنة لهذه الآليات أنجزها حلاق وبواسون (2007)، حيث أظهرت وجود مجموعة من النماذج: ففي هونغ كونغ بالصين تم تكليف لجنة مكونة من ممثلين عن الإدارة المحلية والمدرسين وآباء التلاميذ بمراقبة تنفيذ ميثاق الشرف، حيث يدخل ضمن صلاحياتها إجراء عمليات التحقيق وكذا إصدار التوصيات الضرورية.[33]

أما في مقاطعة أونطاريو بكندا، فإن هيئة مهنية ممثلة للمدرسين هي من يقوم بالسهر على احترام ميثاق الشرف، حيث يمكنها اتخاذ مجموعة من الاجراءات التأديبية لكنها لا تملك سلطة توقيف المدرسين المخالفين.[34]

في اسكتلندا بالمملكة المتحدة، توجد هيئة مهنية شبيهة بتلك الموجودة بأونطاريو، وتتجلى مهمتها في تقنين مهنة التدريس، لكنها تملك إضافة إلى ذلك صلاحية توقيف المدرسين على أساس أخطاء مهنية.

وخلاصة القول، فإن وضع ميثاق شرف مهني بقطاع التربية يجب أن يدفع المسؤولين إلى رفع التحديات التالية:

·        إشراك مهنيي التدريس والنقابات التعليمية في عملية صياغة وأجرأة هذه المواثيق؛

·        تسهيل الولوج إلى هذه المواثيق عن طريق القيام بعمليات نشر واسعة لمضامينها (خاصة من خلال إدراجها ضمن التكوين الأساس والمستمر للمدرسين)

·        وضع الآليات الضرورية من أجل تسجيل ومعالجة كل الشكاوى الواردة في هذا الإطار، سواء على المستوى الوطني أو المحلي أو على مستوى المؤسسات التعليمية.

·        تشجيع مهنة التدريس على القيام بالتقويم الذاتي.


 

الفصل الثامن:

الحق في الوصول إلى المعلومة

تُظهر مجموعة من التجارب الناجحة أن إنتاج المعلومات الناجعة وجعلها في متناول الأطراف المعنية، والمجتمع بصفة عامة، يمكن أن يساهم بشكل كبير في محاربة الفساد والحد من الرشوة داخل المنظومة التربوية.


 



إن محاربة الفساد تتطلب تحديد احتمالات وقوع الرشوة (خريطة المخاطر)، وتقدير حجم انتشارها، وتعبئة المواطنين وتمكينهم من مراقبة تنفيذ القرارات المتخذة ... تتطلب جميع هذه المراحل إنتاج معلومات موثوقة يمكن للجميع الوصول إليها.[35]

إن مما يؤشر على سلطة المعلومة هذه، التجربة الناجحة لأوغندا، والتي مكنت من نشر عدد من المقالات والإصدارات: ليس فقط تلك المرتبطة ببحوث تتبع النفقات العمومية ESDP التي تم إنجازها بهذا البلد، والتي ساعدت المسؤولين على اكتشاف مستوى هدر الدعم المادي المقدم للمدارس الابتدائية سنة 1995، والذي يصل إلى 87%،[36] بل أيضا قرار الحكومة الأوغندية الذي بموجبه يتم إخبار العموم بالاعتمادات المرصودة للنظام التربوي في مختلف مستوياته المركزية والمحلية وعلى مستوى المؤسسات التعليمية، وقد تم ذلك بالاعتماد على حملة إعلامية واسعة، وكان من نتائج هذا الإجراء أن أدى إلى التقليص بشكل كبير من مستوى هدر الموارد المرصودة لينخفض من 87% سنة 1995 إلى 10% سنة 1999.[37]

وقد عملت عدة مبادرات على وضع إطار قانوني، بل تم في بعض الحالات وضع إطار دستوري، لمسألة حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة، وذلك اعتمادا على ميثاق شرف كما هو الشأن بالنسبة للأرجنتيتن مثلا،[38] أو باستعمال الخرائط التشاركية بالبنغلاديش،[39] أو انجاز خرائط التقييم المواطنة بأمريكا اللاتينية.[40]

في المقابل، كشفت مجموعة من الدراسات أنه يتعذر على الإدارات العمومية الاعتراف بحق مرتفقيها في الولوج إلى المعلومة، على اعتبار أن الأمر حسب تقديرها يدخل في إطار اختصاصاتها الحصرية.

وهكذا أظهرت التجارب أنه يجب اللجوء إلى التشريع القانوني من أجل إرغامها على الامتثال لمسألة الحق في الوصول إلى المعلومة؛ حيث لجأت، تحت الضغط الشعبي، مجموعة من الولايات الهندية ( من بينها: تاميل نادو، غواء، راجستان، كارناتاكا، مهاراشترا، اسام وديلهي) إلى إدماج هذا الحق ضمن دساتيرها.

في المقابل يواجه تطبيق هذا الحق مجموعة من العراقيل،[41] من بينها: عدم القيام بتوعية كل من الإدارة والمواطنين بأهمية هذا الحق، إضافة إلى رفض رجال السياسة  والموظفين تنفيذه، وهيمنة «ثقافة الأسرار» داخل الإدارة، وتقاعسها في الإجابة على طلبات المواطنين، ومحدودية أنظمة المعلومات، وكذا غياب إجراءات عقابية عند عدم الاستجابة لطلبات المواطنين، إضافة إلى تواضع المستوى التعليمي لأفراد المجتمع بصفة عامة.

ووعيا منهم بهذه الإشكاليات، قام رجال التربية والتعليم بكل من كارناتاكا و راجستان بإصدار مجموعة من التوصيات تهم تعزيز فعالية الحق في الوصول إلى المعلومة، وتتضمن هذه التوصيات إشراك الحكومات والمنظمات غير الحكومية وشركاء آخرين في تنظيم حملات تحسيسية حول الحق في الوصول إلى المعلومة، وتنظيم دورات تكوينية لجميع الموظفين الحكوميين (بمن فيهم الإداريين والمدرسين) حول هذا الحق، وحول تفسيره الدقيق وآليات تنفيذه، وكذا تعليم المواطنين متى وكيف يستعمل هذا الحق من أجل الوصول إلى المعلومة، إضافة إلى تسهيل عمليات النشر السريع لمختلف المعلومات التي تهم العموم مع الحرص على أن تكون في متناول مختلف فئات المرتفقين (المتعلمين وغير المتعلمين، الحضريين والقرويين)، وكذا تدعيم أنظمة المعلومات، ووضع أليات تحفيزية وزجرية من أجل تشجيع الموظفين على تبليع معطيات دقيقة ومحينة، وتقنين تكاليف المترتبة عن إعطاء هذه المعلومات.[42]

وإذا كان من المسلم به أن الوصول إلى المعلومة من طرف المرتفقين له انعكاسات إيجابية على تطوير الشفافية والمُساءلة، فإنه لأجل أن يصبح هذا الحق فعليا، يجب مؤكدا:

·        اعتماد تشريع قانوني من أجل الدفاع عنه؛

·        الدفع بالمسؤولين والإدارة نحو تشجيع تطبيقه؛

·        تعزيز فعالية وموثوقية الأنظمة المعلوماتية؛

·        توفير الموارد الضرورية من أجل تفعيل الولوج إلى المعلومة.

*              

الفصل التاسع:

المثلث الفاضل

لا يمكن لأي إجراء معزول أن يكون فعالا في القضاء على الفساد والرشوة. والمطلوب هو عمل متظافر يشمل ثلاث جبهات: تطوير معايير وأنظمة تقنين شفافة، وتدعيم القدرات التدبيرية، وتَمَكن أكبر من طرف المستفيدين من الخدمات العمومية من المساطر الإدارية والمالية.


 



غالبا ما يخيم نوع من التشاؤم حول إمكانية التقليص من ظاهرة الرشوة داخل المنظومة التربوية. فعراقة هذه الممارسات وتجذرها في النظام، وكذا المقاومة التي تواجه أي عملية لإرساء قواعد جديدة تعد من العوائق الأساسية.

في المقابل فإن نجاح عدد من المقاربات التي تمت الإشارة إليها في هذا المؤلف تُظهر أنه من الممكن تحسين الوضعية في مجالات عدة تهم التخطيط وتدبير المنظومة التربوية: سواء تعلق الأمر بالتمويل العام للقطاع أو التمويلات الخاصة (المنح، إعانات المؤسسات التعليمية...)، أو بناء وتأهيل الفضاءات، أو التجهيز، أو اللوازم والخدمات المدرسية (الكتب، الإطعام المدرسي، النقل المدرسي، الداخليات...)، أو تدبير الموارد البشرية (من بينهم المدرسين)، أو الأنظمة المعلوماتية، أو عمليات انتقاء التلاميذ (الامتحانات، القبول بالمؤسسات الجامعية...)، أو أيضا ضمان الجودة ومنح التراخيص للمؤسسات التعليمية.

وقد استعرض كل من حلاق وبواسون (2007) في مؤلفهما عددا من هذه المجالات اعتمادا على نماذج لبلدان تمكنت من التقليص بشكل مهم من ممارسات الرشوة. وقد خلصا إلى أنه لا يمكن لأي إجراء معزول أن يساهم لوحده في التقليص بشكل فعال من الرشوة. فقط بالاعتماد على مقاربة مندمجة تتأسس حول ثلاثة محاور  يمكن للشفافية والمسؤولية داخل النظام أن تتحسن بشكل واضح وفعال ، وهذه المحاور الثلاث هي:

§        وضع معايير وأنظمة تقنين شفافة: يجب مراجعة قواعد العمل بهدف التقليص من مخاطر حدوث عمليات رشوة. وهو ما يعني ضرورة تحديد إطار سياسي واضح يحدد كفاءات كل واحد من الفاعلين المعنيين وفي كل مرحلة وعلى صعيد كل مستوى من هذه السيرورة، وملاءمة الإطار القانوني الحالي من أجل تسهيل عملية معالجة مشاكل الرشوة، مع إرساء نظام للمكافأة والزجر ، ووضع معايير ومساطر واضحة وشفافة تمكن من تحديد آليات لإسناد وتوزيع الموارد المالية والمادية والبشرية المخصصة لقطاع التربية، وأيضا تحديد قواعد تمرير الصفقات العمومية، وصياغة مدونات لقواعد السلوك ومواثيق أخلاقية تحدد الحقوق والواجبات المهنية (خاصة ما يتعلق منها بالمدرسين).

 

§        تدعيم القدرات التدبيرية: إن تعزيز القدرات الإدارية لعدد من القطاعات الحيوية يعتبر ضروريا من أجل ضمان تطبيق أمثل للمعايير والقواعد الجاري بها العمل. وهكذا قد يكون من الضروري مساعدة المؤسسات العمومية على التمكن من عدة أدوات للتشخيص (من بينها: بحوث تتبع النفقات العمومية ESDP أو الدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة EQPS)، وتطوير الأنظمة المعلوماتية (سواء على مستوى التدبير المالي أو تدبير الموارد البشرية أو الامتحانات)، وكذا إقرار نظام مناسب للمراقبة (بما في ذلك عمليات الافتحاص الداخلي والخارجي). وهو الأمر الذي يتطلب تعزيز تكوين الموظفين في مجال التدبير والمحاسبة والتقييم والإشراف وحتى في مجال الأخلاقيات، كما يجب أن يشمل الأمر بشكل أوسع مختلف الفاعلين المعنيين بعملية التدبير: مجالس تدبير المؤسسة، وجمعيات أباء التلاميذ، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني ...

 

§        تشجيع تمكن أكبر لأفراد المجتمع من المساطر: أظهرت إحدى الدراسات أن وجود الرشوة مرتبط بوجود حالات احتكارية، أو سلطة تقديرية واسعة، وكذا غياب آليات للمساءلة.[43] وهكذا فإن محاربة الرشوة يتطلب الحد من تركيز السلطات الموجودة، وكذا من السلطة التقديرية، وتعزيز آليات المساءلة. وهو ما يتطلب في آن واحد تطوير آليات للتدبير اللاممركز، ولكن في ظل شروط معينة، وكذا تدعيم مشاركة واستقلالية أوسع للمجتمع من أجل تطبيق «رقابة مجتمعية» حقيقية على استعمال الموارد العمومية المخصصة لقطاع التعليم. من جهة أخرى، أظهر دوفي (2003) أن الحق في الوصول إلى المعلومة، والحق في التعليم، أمران حيويان في محاربة الرشوة: فالمواطنون يجب أن يكونوا على علم تام بحقوقهم، وعلى اطلاع كاف بالوقائع، ليس فقط من أجل اكتشاف حالات الفساد ولكن أيضا من أجل المطالبة بحقوقهم كاملة.

إن مقاربة مندمجة كهذه يجب أن تتجسد حسب المجالات المختلفة لعمليات التخطيط والتدبير داخل النظام التربوي، مع ملائمتها للخصوصيات المتنوعة. وهو ما يتطلب من المسؤولين ابداءهم لإرادة سياسية حقيقية، خاصة منها:

·        التنسيق والتعاون مع السلط التشريعية والتنظيمية والقضائية؛

·        فتح نقاش مع المانحين الماليين من أجل إيجاد أنجع السبل لتعزيز قدرات القطاع؛

·        الترخيص وتسهيل وصول العموم إلى المعلومة بشكل أوسع، وأوثق، وأسرع.


 


المراجع

·        أرتشيدياكانو، 2005. «الأرجنتين، تمرير الصفقات العمومية من أجل اقتناء الكتب المدرسية: دراسة حالة». مأخوذ عن: ماير وغريفين، «المستقبل المسروق: الرشوة داخل النظام التربوي، عشر تجارب عالمية». برلين، منظمة الشفافية الدولية.

 

·        إكشتاين، 2003. «محاربة الغش الأكاديمي، نحو ثقافة النزاهة». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        براي، 2003. «الآثار السلبية للدروس تكميلية الخصوصية، الأبعاد والآثار والإجراءات الحكومية». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        البنك الإفريقي للتنمية، يناير 2003. «محاربة الرشوة بإفريقيا». ورقة مقدمة لورشة للبنك الافريقي للتنمية، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة الشفافية الدولية، ومؤسسة البنك الدولي، والتحالف العالمي من أجل إفريقيا. أديس أبيبا - إثيوبيا.

 

·        بواسون، 2009. «المبادئ الموجهة للصياغة والأجرأة الفعلية لمواثيق الشرف المهنية للمدرسين». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        بينز، 2005. «نحو تدبير مالي أكثر شفافية: المنح الدراسية بإندونيسيا»، باريس. المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        بينيا، رودريغيز، .2005 «المعلمون في كولومبيا: الشفافية في تدبير الموارد البشرية في بوغوتا» (1998-2003). ورد ضمن: بينيا، رودريغيز، لاتوري، أراندا. «الشفافية في مجال التعليم. المعلمون في كولومبيا. التغذية المدرسية في الشيلي». (ص 15-70). باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        تشابمان، 2002. «الرشوة وقطاع التعليم». أعدته شركة الأنظمة الدولية، بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

 

·        تشوا، 1999. «سرقة، تحقيق حول الرشوة في النظام التعليمي الفلبيني». المركز الفلبيني لصحافة التحقيقات.

 

·        حلاق، بواسون، 2006. «الحكامة في النظام التربوي، مسألة الشفافية والمساءلة من منظور دولي». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        حلاق، بواسون، 2009. «مدرسة مرتشية، جامعة مرتشية، ما العمل؟». باريس، منشورات اليونسكو.

 

·        داس، دركون، هابياريمانا، كريشنان، 2004. «التمويل العمومي والخاص للتعليم الأساسي في زامبيا، تأثير الاعتمادات المرصودة على الخدمات المقدمة». سلسلة أوراق عمل. واشنطن،  البنك الدولي - قطاع التنمية البشرية - منطقة إفريقيا.

 

·        دروموند، دي  يونغ، 2003. «مشاكل وآفاق إصلاح النظام التربوي بقيرغيزستان». ورد ضمن: هاينمان ودي يونغ. «التحديات التي تواجه الأنظمة التربوية بآسيا الوسطى». (ص 225-242). الولايات المتحدة الأمريكية.

 

·        الدولية للتعليم، 2001. «إعلان الدولية للتعليم حول أخلاقيات المهنة». الذي اعتمده المؤتمر  العالمي الثالث للدولية للتعليم. نجوميتها ، التايلاند. 25-29 يوليوز 2001. عن الموقع: www.ei-ie.org/library/fr/display.php?id=37، تاريخ الزيارة: 5 يناير 2011.

 

·        ديفي، 2003. «أجرأة حق الوصول إلى المعلومات في التعليم في ولايتي كارناتاكا وراجستان، الهند». ورد ضمن: حلاق و بواسون. «الحكامة في النظام التربوي: مسألة الشفافية والمساءلة، الآفاق الدولية». (ص 248-281). باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        رينيكا، سفينسون، .2004 «سلطة المعلومات: نتائج الحملة الصحيفة وأثرها في تقليص الاختلاسات». أوراق عمل بحوث السياسة العامة، عدد: 3289. واشنطن، البنك الدولي.

 

·        رينيكا، سميث، 2011. «بحوث تتبع النفقات العمومية في مجال التعليم». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        سوو، 2003. «تحسين الشفافية والمساءلة في تدبير موارد التعليم. تجربة هونغ كونغ».  ورد ضمن: حلاق و بواسون. «الحكامة في النظام التربوي: مسألة الشفافية والمساءلة، الآفاق الدولية». (ص 142-152). باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        شودري، هامر، كريمر، موراليداران، روجرز، 2003. «تغيب المدرسين ومقدمي الخدمات الصحية، دراسة متعددة البلدان». واشنطن، البنك الدولي.

 

·        غوتييه، 2006. «بحوث تتبع النفقات العمومية والدراسات الاستقصائية الكمية للخدمات المقدمة في أفريقيا جنوب الصحراء: دراسة تقييمية». بتكليف من البنك الدولي في إطار مشروع «قياس مستوى التطور في الخدمات العمومية المقدمة». مونتريال، مدرسة HEC.

 

·        فان نولاند، خاندلوال، بسويل، ديوان، باغراشاريا، 2006. «الأخلاقيات في التعليم: دور مواثيق الشرف المهنية للمدرسين، كندا وجنوب آسيا». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        فلدستاد، .2003 «اللامركزية والرشوة: دراسة وثائقية». بيرغن: مركز موارد محاربة الرشوة  U4.

 

·        فيشمان، غاتي، 2000. «اللامركزية والرشوة، وضعية عدد من البلدان». ورقة عمل بحوث السياسة العامة، عدد: 2290. واشنطن، البنك الدولي.

 

·        فيلمر، مارس 2005. « الانفاق العمومي والخدمات المقدمة في بابوا بغينيا الجديدة». ورقة مقدمة في إطار مضامين التكوين حول «بحوث تتبع النفقات العمومية بالتعليم» المنظم من طرف المعهد الدولي للتخطيط التربوي ومؤسسة البنك الدولي. بريتوريا، جنوب إفريقيا.

 

·        كازاكيفسيوس، نونبر 2003. «الافتحاص الداخلي للمدارس في ليتوانيا». ورقة مقدمة أثناء زيارة العمل التي أنجزها المعهد الدولي للتخطيط التربوي لفيلنيوس - ليتوانيا. مركز التطوير التربوي.

 

·        كريم، 2004. «تقرير حول خرائط التقييم في بنغلاديش». ورد ضمن: «الشفافية في النظام التربوي. تقرير حول خرائط التقييم في بنغلاديش. جودة البرنامج المدرسية في المكسيك». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        كليتغارد، ماكلين - أبروا، باريس، 2000. «المدن المرتشية: دليل عملي للعلاج والوقاية». أوكلاند، معهد الدراسات المعاصرة.

 

·        كوبنيكا، 2004. «استعمال الافتحاص في الجامعة في سلوفاكيا من أجل الشفافية والمساءلة». وثيقة معدة في إطار مشروع المعهد الدولي للتخطيط التربوي حول «الأخلاقيات والرشوة في التعليم». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        كوفمان، 2005. «ستة أسئلة عن تكاليف الرشوة مع دانيال كوفمان». واشنطن، البنك الدولي.

 

·        كوفمان، كراي، ماستروزي، 2006. «مسائل الحكامة: مؤشرات الحكامة الإجمالية والفردية 1996-2007». ورقة عمل بحوث السياسة العامة، عدد: 2290. واشنطن، البنك الدولي.

 

·        لاتوري،  أراندا،.2005 «التغذية المدرسية في الشيلي». ورد ضمن: بينيا، رودريغيز، لاتوري، أراندا. «الشفافية في مجال التعليم. المعلمون في كولومبيا. التغذية المدرسية في الشيلي». (ص 71-121). باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        ليفاتشيت وداونيز، 2004. «صيغ تمويل المدارس: اللامركزية والرشوة، دراسة تحليلية مقارنة». باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        ليهوهلا، . 2003 «الأخلاقيات والرشوة في التعليم: حالة مملكة ليسوتو». ورد ضمن: حلاق و بواسون. «الحكامة في النظام التربوي: مسألة الشفافية والمساءلة، الآفاق الدولية». (ص 46-54). باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        منظمة الشفافية الدولية، 2003. «تقرير الدولي حول الرشوة لعام 2003». تركيز خاص: الوصول إلى المعلومات. برلين، منظمة الشفافية العالمية.

 

·        منظمة الشفافية الدولية، 2007. «تقرير حول البارومتر الدولي حول الرشوة لعام 2007». برلين، منظمة الشفافية العالمية.

 

·        منيمنة، شتنبر2008. «وزارة التربية والتعليم العالي في الجمهورية اللبنانية: الإصلاحات المقترحة في سياق التحديات الراهنة». ورقة قدمت في الجامعة الصيفية للمعهد الدولي للتخطيط التربوي حول موضوع «الشفافية، والمسؤولية، وتدابير مكافحة الرشوة في التعليم»، باريس، فرنسا.

 

·        المؤسسة الألمانية للتعاون التقني، 2004. «مكافحة الفقر والرشوة. إدماج مكافحة الفساد ضمن 'استراتيجية الحد من الفقر' - تحليل وتوصيات من أجل التعاون الإنمائي». القسم 42، المشروع القطاعي: تطوير وتجربة استراتيجيات وأدوات من أجل الحماية ضد الفساد. بطلب من الوزارة الفيدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية. إشبورن.

 

·        نولاند، خاندلوال، .2006 «الأخلاقيات في التعليم: دور مدونات قواعد السلوك للمدرسين»، باريس، المعهد الدولي للتخطيط التربوي - اليونسكو.

 

·        الوكالة الوطنية لمحاربة الرشوة وتخليق الأنشطة الاقتصادية والمالية، 2005. «البحث الوطني حول الرشوة والحكامة» - 2003. جمهورية غينيا- كوناكري: الوزارة المنتدبة لدى الرئاسة المكلفة بالمراقبة الاقتصادية والمالية.

 

·        يي، كانكراتجا، 2002. «نجاعة توزيع الإنفاق العام: تقرير عام 2000 حول بحث تتبع النفقات العمومية في غانا في القطاعات الأساسية: الصحة والتعليم». ورقة عمل البنك الدولي، منطقة إفريقيا، السلسلة رقم 31. واشنطن، البنك الدولي.

الفهرس

مقدمة المترجم 3

مقدمة 8

1. الرشوة داخل النظام التربوي: لماذا الآن؟ 11

2. كلفة الرشوة داخل النظام التربوي_ 17

3. تشخيص الرشوة داخل المنظومة التربوية 23

4. شفافية المعايير والمساطر 31

5. تدعيم القدرات واعتماد التدبير المعلوماتي_ 37

6. اعتماد مساطر خارجية للتدبير والمراقبة 43

7. ميثاق الشرف المهني للمدرسين_ 51

8. الحق في الوصول إلى المعلومات_ 57

9. المثلث الفاضل_ 63

المراجع 71

الفهرس_ 82



[1]/ كوفمان، 2005.

[2]/ البنك الإفريقي للتنمية، 2003.

[3]/ الوكالة الوطنية لمحاربة الرشوة وتخليق الأنشطة الاقتصادية والمالية بغينيا، 2005.

[4]/ كوفمان وآخرون، 2006

[5]/ منظمة الشفافية الدولية، 2007.

[6]/ تشوا، 1999.

[7]/ رينيكا وسميث، 2004.

[8]/ أنظر الجزء الثالث من هذا الكتيب.

[9]/ المؤسسة الألمانية للتعاون التقني (GTZ)، 2004.

[10]/ رينيكا وسميث، 2004.

[11]/ رينيكا وسفينسون، 2002.

[12]/ يي وكناكراجا، 2002.

[13]/ رينيكا وسفينسون، 2002.

[14]/ داس وآخرون، 2004.

[15]/ تشودري وآخرون، 2003.

[16]/ فيلمر، 2005.

[17]/ تشودري وآخرون، 2003.

[18]/ كريم، 2004.

[19]/ بينيا، رودريجيز، 2005.

[20]/ ليهوهلا، 2003.

[21]/ أنظر الفصل الثالث

[22]/ داس وآخرون، 2004.

[23]/ فيشمان وغاتي، 2000؛ فجيلدستد، 2003.

[24]/ لاتوري وأراندا، 2005.

[25]/ منيمنة، 2008.

[26]/ ليفاتشيت وداونيز، 2004.

[27]/ اكشتاين، 2003.

[28]/ كوبنيتسكا، 2004.

[29]/ كوبنيتسكا ، 2004.

[30]/ كازاكيفسيوس، 2003.

[31]/ الدولية للتعليم، 2011.

[32]/ نولاند وخاندلوال، 2006.

[33]/ سوو، 2003.

[34]/ نولاند وخاندلوال، 2006.

[35]/ منظمة الشفافية الدولية، 2003.

[36]/ رينيكا وسفينسون، 2004.

[37]/ نفسه.

[38]/ أرتشيدياكانو، 2005.

[39]/ كريم، 2004.

[40]/ برنامج تعزيز التعليم بأمريكا اللاتينية ودول بحر الكارايبي PREAL

[41]/ ديفي، 2003.

[42]/ نفسه.

[43]/ كليتغارد وآخرون، 2000.